فَجّة خُرَقْ: حكاية قصاصاتٍ ملونة

كتابة :
نور أبو فراج

احياء حرفة

في عام 2016 عادت تسمية فَجّة خُرَقْ للتداول بعدما أنشأت السيدة خلود هنيدي الناشطة في مجال المجتمع المدني والمبادرات الثقافية، مشغلاً يحمل ذات الاسم. أخذ المشغل على عاتقه إعادة إحياء هذه الحرفة لإنتاج بسط بتصاميم معاصرة قائمة على مبدأ إعادة تدوير الأقمشة البالية التي يتم الحصول عليها من تبرع الأصدقاء ومن مشاغل الخياطة وورشات تنجيد المفروشات.

خصوصية المشغل لم تأت فقط من انشغاله بالتراث والبيئة بل وأيضاً من تركيبته الاجتماعية الخاصة، إذ يضم تسع سيدات وفَدْنَ للمدينة مع عائلاتهن بعد عام 2011 من مناطق مختلفة كغوطتي دمشق الشرقية والغربية ومدينة حمص وريفها، إلى جانب سيدات من السويداء.


طبيعة العمل

في التاسعة صباحاً كل يوم، تدب الحركة في منزل عربيٍ قديم مبني من حجر البازلت الأسود الذي تحولت غرفه إلى ورشة تحتوي أنوالاً وآلات خياطة وأطناناً من قصاصات القماش الملونة.

على إيقاع العمل الثابت الذي يضم مهمات يومية متكررة تتضمن قص الأقمشة وتصنيفها وغزلها وحياكتها على النول، تنسج النساء هناك أيضاً حكاياتٍ من نوعٍ مختلف، كما لو أن العمل يمسي أقل وطأة حينما يتشاركن خبراتهن مع الحرب وذكرياتهن عمن رحلوا وحتى حينما يتشاورن في قضايا تتعلق بأطفالهن وحياتهن اليومية.

 

نساء تنسج حكاياتها من قصاصات ملونة

تقول السيدة حنان إحدى العاملات في الورشة: “قيلت أطنانٌ من القصص في هذا المكان منذ ثلاث سنين وإلى الآن. في البداية كان هناك خوفٌ من تشارك الحكايات بالرغم من أن جميعنا كنا نعيش ظروفاً صعبة، لكن كل يوم كانت الثقة تزداد أكثر، ومعها تتدفق الأحاديث”. تعلق السيدة أم وسّام على كلام صديقتها: “نحن نتقاسم الهموم والمتاعب، قد يحدث أحياناً أن يدخل أحدٌ علينا فيجدنا نبكي جميعاً”.

وضعت تجربة النزوح السيدات أمام تحديات مختلفة. وجدن أنفسهن للمرة الأولى أمام مسؤولية كبيرة في إعالة أسرهن، فهنّ إما فقدن أقرباءهن في الحرب، أو أن عمل الأزواج لم يكن يكفي لسد احتياجات الأسرة. هذا إلى جانب تحدي الإندماج ضمن بيئة مجهولة وجديدة، تقبلهنّ حيناً وترفضهنّ حيناً آخر.

اعتادت النساء مع الوقت تقاسم المهام فيما بينهن، كما ألفن اتخاذ قرارات جماعية تتعلق باعتماد تصاميم جديدة وأماكن عرض أعمالهن. تقول السيدة منال إنه وبالرغم من صعوبة العمل، فهي تحس أحياناً بأنها لا تطيق صبراً حتى تأخذ القطعة شكلها النهائي، وتضيف عاملة أخرى: “تحويل القصاصات إلى لوحة ممتعٌ جداً”.

تُصدِّر تجربة مشغل فجة خرق للمجتمع المحلي الذي نشأت ضمنه، شعوراً بالقوة. تبدو النساء العاملات ضمنه كتلة نشيطة ومتفردة عن المشهد المحيط بها، تنسج حكاياتها من قصاصات ملونة.

نحن نتقاسم الهموم والمتاعب

ام وسام