ذوو/ات الإعاقة في الأعمال المكتبية

كتابة :
غرام زينو

ماذا لو حصرنا “ستيفن هوكينغ” في عمل مكتبي روتيني؟

ذووا/ت الإعاقة في الأعمال المكتبية

تكاد تنحصر الأعمال المنوطة بالأشخاص من ذوي الإعاقة بالوظائف المكتبية، نظراً لسهولتها مقارنة بالأعمال والمهام التي تحتاج  تنقل وحركة دائمة والتي  قد تسبب صعوبات عند القيام بإنجازها، ولكن ماذا لو سألنا عن إمكانية فسح مجال أكبر لذوي الإعاقة للقيام بأعمال غير مكتبية، والتي يستطيع أي شخصٍ آخر القيام بها في حال توفرت لهم /هن القدرة على ذلك؟

ثمة تأطير لعمل الأشخاص ذوي الإعاقة يحصرهم/ن بالعمل المكتبي، ويتجاهل بأحيان كثيرة  قدراتهم/ن على القيام بأنواع أخرى من الأعمال قد تساهم في انخراطهم/هن بصورة أكبر في سوق العمل، ربما ينعكس إيجابياً على تقدمهم/ن وتطورهم/ن اجتماعياً، وفكرياً، ومهنياً، ونفسياً، وعلى لعب دور أكبر في بناء وتطوير المجتمع.

نجاحات محققة ومهن محتملة

على سبيل المثال لا الحصر، يستطيع الأشخاص من ذوي الإعاقة والحاصلين/ات على شهادات جامعية معينة القيام بمهنة التدريس، ولو بشكل خاص ضمن المنازل أو المعاهد الخاصة، بالإضافة للعمل الحر “الفريلانسر” – الكتابة والتحرير، الترجمة، إدارة منصات التواصل الاجتماعي، التصميم، إجراء أبحاث معينة -، والذي يمكن أن يفتح لهم /هن الأبواب لتفاعل أكبر  في المجتمع قد يساعد على تنمية وتطوير أفكارهم/هن وإبداعهم/ن. كما أن الاهتمام بالتكنولوجيا والأجهزة الذكية، والتي يقبل عليها الكثير من هؤلاء الأشخاص تفتح آفاق لأعمال تجارية أخرى كالعمل في أماكن مخصصة أو متاجر صغيرة لبيع المواد الخاصة بها أو إصلاح الأجهزة الذكية من موبايلات والحواسيب وما شابه.

 لقد شاهدنا حالات لأشخاص من ذوي الإعاقة قاموا بتنظيم مشاريع فردية وناجحة عادت بمردود مادي ومعنوي على أصحابها، منها في مجال الفن أوالموسيقى أو الغناء في حال تميز البعض منهم بالموهبة وصقلها بشكل عملي خائضين بذلك مجال الفن، ومنها في مجال الطهي وطبخ الوجبات الخاصة في حال توفرت المهارة والقدرة أيضاً، ولم تقتصر الأعمال على مجال التكنولوجيا أوالفن  أو الطهي فقط، بل أصبح لهم/ن في  الرياضة  مجالاً واسعاً حقق فيه الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة إنجازات هامة وأصبحوا/ن أبطالاً بمختلف الرياضات، وجدير لنا بالذكر أن هناك أولمبياد خاص بالألعاب البارالمبية المخصص لذوي الإعاقة منتشرة في أنحاء العالم.

ومن منا لم يسمع عن افتتاح مقهى يعمل فيه الأشخاص المصابون بمتلازمة داون، أو مراكز التدريب والتأهيل لفاقدي/ات السمع للعمل في مجال الحلاقة الرجالية أو النسائية، وجميع تلك الأعمال حقق أصحابها من ذوي/ات الإعاقة النجاح وذللوا الصعاب بعد بدء  العمل والممارسة وبعضهم/ن تطورت مشاريعهم/ن وكبرت .

 حالات من الإلهام قدمها أشخاص ذوي إعاقة لغيرهم/ن من الأشخاص الطبيعيين من غير ذوي الإعاقة، فكانوا سبباً ودافعاً لنجاحات مهنية وعلمية كثيرة حققها هؤلاء، فالطموح والشغف عندما يتوفر لدى الأشخاص من ذوي الإعاقة سيمدّهم/ن بالقوة والحافز اللازم للسعيٍ الدائم للتطور وتنمية والمهارات والقدرات الخاصة التي تنعكس إيجاباً عليهم وعلى محيطهم .

 

عوامل مساعدة

 

دعم الأهل وتشجيع أطفالهم من ذوي الإعاقة يشكل العامل الأهم لخلق طفل شجاع مؤمن بنفسه ,لا يستسلم لإعاقته ولوضعه الخاص، دعم لا يجعله يشعر بنقص أو اختلاف عن بقية زملائه أوأقرانه ،وهو الأسلوب الأمثل لجعله شخصاً ناجحاً قادراً على تخطي صعاب الحياة متحمس لتحقيق الأفضل في كل عمل يطلب منه أو إنجاز سيقوم به مستقبلاً مثل أي شخص آخر.

وبالإضافة لدور الأهل الداعم ،يأتي دور المحيط والمجتمع بمؤسساته المختلفة في التقبل والتعاون خاصة على المستوى المهني، والسعي لمساعدتهم/ن لاكتشاف مواهبهم/ن وإبداعاتهم/ن عن طريق الانخراط في التجارب المختلفة، وخلق مساحة مناسبة للتجريب والاعتماد على النفس في أي عمل يطلب منهم/ن والتعامل مع النجاح بالتشجيع، ومع الفشل على أنه خطوة نحو نجاح قادم.

اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

 نصت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المادة الثامنة منها (تتعهد الدول الأطراف بهذه الاتفاقية باعتماد تدابير فورية وفعالة وملائمة من أجل إذكاء الوعي في المجتمع بأسره بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك على مستوى الأسرة، وتعزيز احترام حقوق الأشخاص ذوي/ات الإعاقة وكرامتهم/ن، بالإضافة إلى مكافحة القوالب النمطية وأشكال التحيز والممارسات الضارة المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، بما فيها تلك القائمة على الجنس والسن، وفي جميع مجالات الحياة، وتعزيز الوعي بقدرات وإسهامات الأشخاص ذوي الإعاقة، وأخيراً تشجيع الاعتراف بمهارات وكفاءات وقدرات الأشخاص ذوي الإعاقة، وإسهاماتهم/ن في مكان العمل وسوق العمل).

 

 ماذا لو ؟

 

أخيراً، تعالوا نسأل أنفسنا ماذا لو حصرنا شخصاً مثل “ستيفن هوكينغ” في عمل مكتبي روتيني؟ هل كان العالم ليحظى بواحدٍ من أهم علماء الفيزياء بما قدّمه من نظريات وأبحاث ساهمت بتطوير علوم الكون؟

” الطموح والشغف عندما يتوفر لدى الأشخاص من

ذوي الإعاقة سيمدّهم/ن بالقوة والحافز”

 

غرام زينو