التصوير هو الملجأ للهروب من ضجيج الكون

كتابة :
أميرة مالك

هديل

 

تقف هديل أمام لوحاتها المعروضة في ساقية الصاوي في منطقة الزمالك والفرح يغمرها، فهذه مشاركتها الثانية في معرض للتصوير منذ قدومها إلى مصر عام 2012، هرباً من الحرب الدائرة في بلدها سوريا

هديل بدوي، 28 عاماً، بدأت التصوير قبل عشر سنوات تقريباً بكاميرا سوني ديجتال وبإمكانات بسيطة، ثم قادتها الصدفة إلى احتراف التصوير فعملت على تطوير مهاراتها والتعلم من قنوات يوتيوب بنفسها. “لم أكن أعرف استخدام الكلام كوسيلة تعبير، وعندما كنت أعبر لأحد عما أفكر كنت أصفه كصورة. لاحقاً اكتشفت أن الصورة هي ما يعبر عني”. ومصر غنية بصور الشارع، “في كل شارع هناك حكاية”. تحب هديل صور الشارع أو ما يسمى الـ “street photography”.

بدأت الفتاة بالبحث عن مجموعات تكتشف الأماكن في مصر وبدأت بالخروج معهم حتى تعلمت الطرقات لوحدها فصارت تذهب لتكتشف الأماكن وتصورها.ليومنا هذا هناك أماكن أذهب إليها منذ سبع سنوات وفي كل مرة أكتشف فيها شيئاً جديداً، ما بتخلص القصص من الشوارع.


التصوير سبب لإكتشاف ما هو جميل

 

بفترة من الفترات أصيبت هديل بحالة من الاكتئاب، ولم تستطع حينها تصوير أي شيء، فقررت تعلم مهارات جديدة وعملت في مخبز للحلويات لمدة عام تقريباً، كما عملت كمتطوعة في العديد من الأعمال الإنسانية مع اللاجئين والمصريين. ومؤخراً، عملت بإحدى شركات إنتاج الأفلام فشاركت كمساعدة منتج في فيلم “ما تعلاش عن الحاجب”، والذي حصل على نجمة مهرجان الجونة الذهبية لأفضل فيلم عربي قصير عام 2018.

لا تفكر هديل كثيراً بالصعوبات التي تواجهها كالأوراق الرسمية على اعتبار أنها فلسطينية سورية مقيمة في مصر، لكن هناك صعوبات من نوع آخر تواجهها كفتاة وأبرزها التحرش، وتحاول ألا تجعل الأمر عائقاً في طريقها، “فاكتشاف الأماكن الجديدة يعد تحدياً، والذهاب إلى الأماكن الشعبية والعشوائية ليس أمراً سهلا لكنه ممتع للغاية”. تقود هديل دراجاتها الهوائية وتحمل كاميرتها وتذهب “أشعر بأنني رحالة في مسافات قصيرة، دائما أقول فيها حاجة حلوة

أكثر ما يشعر هديل بالسعادة أنها استطاعت جعل الكثير من الناس يحبون مصر من خلال صورها. كثر يقولون لها “نرغب بزيارة مصر لرؤية الأماكن التي تصورينها” ويقومون بزيارتها فعلاً. يخبرها أحد المصريين أنه تَعرف على اماكن جديدة في مدينته من خلال صورها “جميل أن تكشفي الأشياء الجميلة لشخص هو ابن المكان ولا يعلم بوجودها”

 

تجربة غنية

 

بالنسبة لهديل الإنجاز هو أنها لا زالت قادرة على رؤية الأشياء الجميلة “لا زلت قادرة على الاستمتاع برغم كل الظروف التي مررت بها. الحياة في مصر تجربة غنية، وأنا شخص قدر يستمتع فيها برغم كل شي بشع برغم العجقة، القهر ببعض الأوقات، الفقد، الغربة، الكآبة، قدرانة أستمتع لحد اليوم

“عندما كنت أعبر لأحد عما أفكر أصفه كصورة

لاحقاً اكتشفت أن الصورة هي ما يعبر عني”

هديل بدوي