وصمة الدورة الشهرية.. مصائب لاحقت النساء خلال زلزال سوريا

كتابة :
ولاء تميم

إلى اليوم لا تزال لحظات الزلزال في سوريا تدق على جدران الذكريات، لم تكن هزةً أرضية أو قصفاً أو صاروخاً عايش السوريون صوته على مدى سنوات، لقد كانت رعباً من نوعٍ آخر، رعباً مضاعفاً أرخى بأحماله على الجميع وعلى النساء بشكلٍ خاص.

لم يأخذ أحدٌ في الحسبان أن السوريون سيعيشون النزوح مجدداً في سوريا وتركيا، وسيتهجرون من بيوتهم، لم يكن أحدٌ يعرف كيف له أن يتعامل مع هذه المصيبة الجديدة. وكانت النساء الفئة الأكثر معايشةٌ للواقع المرير مع واجباتهنّ اتجاه أبنائهن الصغار ومشاكلهن الشخصية المتمثلة في الحصول على الحليب وعلى مستلزماتهن الخاصة والمتعلق بعضها بالدورة الشهرية.

 

على حافة الخطر!

 

اضطرت بعض النساء للمبيت خارج دور العبادة مع بقاء عوائلهن في الداخل نظراً لكون البعض منهنّ في فترة الحيض وعدم سماح دور العبادة لهنّ بالمبيت في الداخل. السيدة أم علي من جلبة كانت إحدى السيدات التي واجهن هذه المشكلة:” بعد ساعات الزلزال الأولى نزحنا إلى الجامع الذي كان بجانب منزلنا، تهدم بيتنا بشكلٍ شبه كامل، كنت أضطر لأن أخاطر وأذهب إلى الجزء الباقي من منزلنا بهدف تغيير الفوطة الصحية، كانت هذه اللحظات من أصعب أوقات حياتي، أذهب لمنزلي للقيام بذلك وأعود لأنام خارج الجامع وعائلتي بالداخل”.

ورغم مناداة المنظمات الإنسانية بالتعامل مع موضوع الدورة الشهرية كحالة طبيعية، إلا أن العديد من المجتمعات لا تزال تنظر للأمر كوصمة عار، وقد عرفت منظمة اليونيسف الموضوع بأنّ الدورة الشهرية تعتبر جزءاً صحياً طبيعياً من الدورة الإنجابية، لكن لا تزال تعاني العديد من الطفلات واليافعات في المنطقة خلال حياتهنّ من وصمة الدورة الشهرية وكذلك من فقر الدورة الشهرية (عدم إمكانية الحصول على منتجات آمنة وصحية تتعلق بالدورة). ويؤدي التضليل ونقص المعرفة الأساسية إلى تسرّب الفتيات من المدرسة خلال فترة الحيض، أو دفع الطفلات واليافعات إلى الشعور بالخجل من وجود النزيف.

 

إدارة الدورة الشهرية!

 

كان واقع النساء مريراً خلال تلك الأيام، حيث انعدمت الخصوصية والفصل بين الجنسين ضمن مراكز الإيواء، وكانت اللهفة من الجماعات التطوعية والفرق سيدة الموقف في اللحظات الأولى حيث انعدمت احتياجات النساء في البداية، ولحين تدارك هذا الموضوع استعملت بعض النساء بديلاً لذلك باستخدام الملابس القديمة أو المناديل الورقية العادية. لم يكن هناك أي إدراك لحساسية النساء والفتيات وعدم توفر دورات المياه غير المختلطة والنظيفة.

السيدة حنان من ريف اللاذقية كانت من النساء اللواتي عايشن هذه الأوقات الصعبة:” كنت أضطر في الأيام الأولى لقص قطعٍ من ملابسي واستخدامها كبديل للفوط النسائية، خرجنا من منازلنا من دون أن نعرف أننا لن نعود لها، وكنا نشعر بالخجل أحياناً من أن نطلب الفوط من الأشخاص الذين يقدمون المساعدات، وللنساء في حالات الكوارث نفس الاحتياجات البيولوجية المرتبطة بالحيض والحمل والرضاعة والولادة، إلا أنه لا تتوفر لهن حمامات وأماكن نظيفة وآمنة ومنفصلة في مثل هذه البيئات”.

غالباً ما يتمّ نسيان حاجات النساء خلال الكوارث والحروب مما يعرضهن لضغطٍ مضاعف عن باقي أعباء الأسرى، فضلاً عن كونهن المسؤولات عن الإرضاع وتلبية احتياجات الأطفال الصغار والرضع. وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان فإنه في حالات الكوارث تصبح النساء والفتيات أكثر عرضة لخطر العنف وسوء المعاملة، وقد تعرضت العديد من السيدات والفتيات في سوريا لمواقف مسيئة بحقهن خلال تلك الأيام مع عدم مراعاة احتياجاتهن وعدم تقبل دور العبادة لهن رغم الكارثة المحيطة بالجميع.

وسبق لمنظمة “أكشن إيد” أن أعلنت في بيان “أن النساء والفتيات من بين أكثر المتضررين من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا وأن وضع النساء والفتيات والمجتمعات المهمشة في أعقاب هذا الزلزال أصبح مقلقاً بشكل متزايد”.

اضطرت النساء إلى إدارة دوراتهن الشهرية بدون المنتجات المناسبة وبخصوصية قليلة جداً، ومن هنا شددت بعض المنظمات على الحاجة الملحة لتوفير مساحات آمنة يلجأن لها، تحتوي على منتجات خاصة بالدورة الشهرية.

قد تعود هذه الكارثة إلى الواجهة مجدداً، وقد تظهر كوارث غيرها لذلك يجب وضع خطة استجابة خاصة لتقييم الوضع بشكلٍ عاجل مع الشركاء على الأرض، مع ضمان تمويل الاستجابة الإنسانية للكوارث تمويلاً كافياً، بما في ذلك رعاية الناجين/ات من العنف القائم على النوع الاجتماعي ودعم الوصول الآمن ومن دون عوائق لمنظمات الإغاثة إلى المجتمعات الأكثر تضرراً.


“النساء والفتيات أكثر المتضررين

من زلزال سوريا وتركيا”

ولاء تميم