هل سمعت أمهاتكم/ن بحملة ال 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء؟

كتابة :
رنيم غسان خلوف

“شو هي حملة 16 يوم، خلصينا روحي عني مو وقتك”

هكذا ردت أمي عند سؤالي عما إذا كانت تعرف أي معلومة عن حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء، أمي تعيش في قرية بريف حمص، والتي لا يوجد منزلٌ من منازلها إلا وفيه طالب/ة جامعي/ة، لا تعرف ماهي هذه الحملة، فكرت طويلاً لماذا لا تعرف أمي عن حملة جاءت لأجلها ولأجل حقوقها كسيدة؟ من المسؤول أنا أم الإعلام أم المؤسسات والمنظمات؟ وهل يجب أن تعرفَ أمي عن حملة ال 16 يوم وهي غير معنَّفة؟ هل تعرف أمي الجميلة أنواع العنف؟ وهل تعتبر العنف الجنسي أو اللفظي أحد أنواع العنف مثلاً؟ أمي مثلها الكثيرات تسمع كثيراً وعبر السوشال ميديا والإعلام قصص حياةٍ لنساء كان القدر أو ربما النصيب أقوى منهن، فجار عليهن برصاصة أحياناً لم تكن عابرة لحياتهن فأنهتها، وأحياناً جار العرف والتقاليد بحكم زوجي دمّرَ روحاً مدى الحياة، سمعت أمي أيضاً عن الصبية السورية التي لجأت لأهلها بعد زواجها من ابن عمها فَقُتِلت لأنها طلبت الطلاق، ومع كل قصة تقول أمي كما كل سيدات الأرض” يا حرام”!

هذه الأسئلة التي تطرح نفسها، كل عام من حملة ال 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء، وأمام كل هذه الحملات التي تجريها المنظمات الدولية والمؤسسات والجمعيات، ما يزال العنف حاضراً ضد النساء، وما زال القانون قاصراً لا يصل للجميع، ربما لأن للعشائر والتقاليد حكمٌ أقوى في بعض المناطق.

 

آراء نسوية !

 

تعتقد ” أم صفاء” (52 عاماً) وهي سيدة من مدينة دير الزور تولت منصب رئيسة الاتحاد النسائي في المدينة في وقت سابق؛ أنّ الحرب رفعت منسوب العنف ضد النساء بشكل كبير، وتعددت أشكاله ” العنف الاقتصادي، العنف الاجتماعي، وحتى عنف التعليم كما أسمته، وتشرح أنّ العنف كان موجوداً قبل الحرب لكنه زاد جداً بعدها، ولا تعرف السيدة الخمسينية نسبة أو رقماً لكن من خلال الملاحظة اليومية، تقول لمَوج: أنّ العنف الاجتماعي يعني أن تُجبر المرأة على فعل أمر بناء على عادة مجتمعية بدون رغبتها، كالزواج مثلاً من أخ زوجها الذي توفي خلال الحرب أو بغير الحرب، أن تجبر على الحمل مثلاً من زوجٍ لا تريده، أن توصم إذا طُلقت بأنّها مطلقة، أو يتم التنمر عليها، وهذا موجودٌ جداً في المدن والأرياف، وتشير أم صفاء إلى أنّ أكثر ما يُسمع عنه هو جرائم القتل بحق النساء التي حاولت أن تقول لا يوماً، لكن هناك قتلٌ من نوع آخر وهو الإجبار على أي فعل لا تريده وهي على قيد الحياة، وأشارت أيضاً أنهن في الاتحاد النسائي سابقاً كنّ خلال هذه الحملات يدرن على الأرياف البعيدة ويشرحن للنساء حقوقهن، مضيفةً “كثيرات من يجهلن حقوقهن، وخصوصاً في المناطق التي تسود بها السلطة العشائرية”، وفيما يتعلق بدور المنظمات في هذه المناطق، وضحت ” أم صفاء” أنها “مقصرة جداً”، وهي تعمل دون التخطيط لاستدامة دائمة، فعند انتهاء البرنامج المخصص للمنطقة لا يكون هناك متابعة إلا فيما ندر، وترى السيدة” أم صفاء” أن الحل الأمثل للحدّ من العنف القائم على النوع الاجتماعي في سوريا، هو القانون فقط، وسيادته على الجميع دون تمييز.

فيما يخص القانون، تشير المحامية والناشطة مها العلي أنّها لا يمكن أن تحصي أو تعرف عدد القضايا في المحاكم السورية التي رفعت للدفاع عن النساء وقضاياهن، لكنها تشير إلى أنّ القوانين السورية مازالت بحاجة لتعديلات كثيرة كي تنصف المرأة وهي تتفق مع أم صفاء، بضرورة أن تطبق القوانين على الجميع، دون استثناء وفي أقصى القرى والأرياف.

 

صوت!

 

” أم سيماف 56عاماً من ريف القامشلي”، لم تسمع بالحملة إلا قبل ثلاث سنوات يوم بدأ ابنها العمل في إذاعة محلية، وبدأ بالحديث عن الموضوع، تلوم أم سيماف الأهل الذين لم يعلموهن كيف يدافعن عن حقوقهن، “”كنا نشعر عندما نحصل على حقوقنا وكأنهم فضلوا علينا هم والمجتمع”، وتشير أنه حتى الآن تسير العادات فوق القانون، بأبسط الأمور “مثلاً: مازال المجتمع يُوصم ويتنمر على أي أنثى ترث من والدها لأنها بنظره تأخذ حقوق إخوتها الذكور” “أليس هذا عنفاً؟!” تسأل المرأة الخمسينية.

وهنا يأتي دور الإعلام، وفي هذا السياق يتحدث الصحفي فراس القاضي، أنه بحملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء تحديداً، الإعلام المكتوب، الإذاعي والمرئي، غير مقصر إطلاقاً بدليل أنه تفرد له ساعات من البث والمساحات المكتوبة، لكن يعتقد القاضي أنّ التقصير في نطاق الإعلام السوري هو على نطاق مواقع التواصل الاجتماعي، وهي نقطة ضعف في ظل التأثير الكبير لهذه المواقع اليوم.

ثلاثون عاماً مرت على اطلاق أول حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء، ومازالت صرخات النساء تعلو في كل دول العالم، لقوانين عادلة منصفة، تعطى فيها الحقوق والواجبات للجميع النساء والرجال معاً دون تمييز بينهما

مازالت صرخات النساء تعلو

في كل دول العالم

 

رنيم خلوف