غياب التوازن الجندري

كتابة :
لينا ديوب

يغيب عن نص قانون اتحاد الصحفيين/ات الحالي أي ذكر للصحفيات النساء، وكتب المشرعون القانون بلغة تمييزية استبعدتهن، عرفت الصحفي بأنه: كل من امتهن مهنة الصحافة سواء أكان “محرراً” أم “مراسلاً” أم “مُخبراً” أم غير ذلك من أنواع العمل الصحفي التي يحددها النظام الداخلي للاتحاد. دون أن يفكر المشرع بإضافة تاء مربوطة لكل صفة ذكرها لتعطيها صفة نسوية.

ربما لم يكن لهذا القانون دوراً في بناء علاقة مهنية ونقابية جيدة بين الصحفيين والصحافيات مع الاتحاد، ولم يلجأ له المنتسبين والمنتسبات لحل مشكلات تعرضوا/ن لها، خلال المسيرة المهنية، لعدم الثقة بجدوى اللجوء إليه إلا نادراً، لكنه يبقى الإطار القانوني لشكل العلاقة بين الاتحاد والمنتسبين/ت للدفاع عن الحقوق جميعها، وهنا يجب السؤال عن بقائه على هذا الشكل؟ وفي حال التعديل هل سيكون تمييزاً أم يراعي التوازن الجندري؟

 

نقابتان!

 

قبل عقد بدأ الحديث عن تعديل قانون اتحاد الصحفيين، بسبب اتساع الفجوة بين الصحفيين والصحفيات واتحادهم/ن، وازدياد السؤال عن ارتفاع أعداد المسجلين في سجلات الاتحاد كصحفيين وصحفيات وهم موظفين/ات وفنيين/ات في المؤسسات الإعلامية، وعن علاقة العاملين/ات بالإعلام الخاص والمراسلين بالاتحاد أيضاً، وغيرها من القضايا التي أهملها القانون الحالي.

مشروع التعديل الذي لم يُقر حتى اليوم، تحدث عنه رئيس الاتحاد السابق ونائبه وأعضاء المكتب التنفيذي للصحفيين، حيث قال رئيس الاتحاد حينها الياس مراد لجريدة بلدنا: أن القانون يتضمن إحداث نقابتين إحداهما خاصة بالصحفيين وأخرى للأعمال المساعدة للعمل الصحفي كالأرشيف والإخراج والتصوير وبعض الأعمال الإلكترونية، مضيفاً “أن هذا التقسيم بهدف تحديد من هو الصحفي الحقيقي”. 

ثمة تعديلات أيضاً تتعلق بالعلاقة مع المراسلين والتعويضات المالية واستثمارات الاتحاد، لكن لا يوجد أي إشارة للتوازن الجندري بتلك التعديلات.

 

لماذا؟

 

يمكننا السؤال؟ هل الدخول الواسع للنساء في العمل الصحفي رافقه التغيير لجهة وصول النساء إلى الإدارة الإعلامية، وقبلها لجهة الكتابة عن قضايا النساء، أو حضور للنساء في المصادر والشهادات؟ 

الإجابة لا ليس كما يجب، لأن تراجع النمطية عن المهمات اليومية في العمل الصحفي وخروج الصحفيات والعمل في جميع أشكال التغطيات والمواضيع التي يقوم بها زملائهن الرجال، لم يرافقه وصولهن إلى إدارة المؤسسات الإعلامية بشكل واضح باستثناء حالات قليلة في الإعلام الخاص، حيث تغيب الصحفيات عن رئاسة التحرير وإدارة التحرير وأمانة التحرير في جريدة الثورة مثلاً، رغم العدد الكبير للصحفيات اللواتي أثبتن كفاءة ومهنية عالية، أعلى منصب وظيفي تصل إليه وتشغله الصحفيات هو رئيس دائرة، قلما نجدها مديرة محطة أو قناة باستثناء التجربة الخاصة بالفضائية السورية، كما ويشهد حضور النساء في الشهادات والمصادر تحسناً خجولاً.

إن غياب النساء عن قرار النشر انعكس أيضاً على مساحة التغطية الإعلامية لقضايا المرأة ومناقشتها والتصدي لاقتراح حلول لها.

 

تعديل جندري

 

بالعودة إلى قانون اتحاد الصحفيين وإلى مشروع تعديله لا بُد من السؤال عن تعديل يأخذ بالتوازن الجندري، وهذا يأتي متوافقاً مع الدستور الذي تنص المادة 33 منه على أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.

كما نعلم أن سوريا تقر بأسبقية القانون الدولي على القانون الداخلي أمام لجان الأمم المتحدة، كما صادقت سوريا على مجمل الاتفاقيات الدولية وخاصةً بما يتعلق منها بحقوق الإنسان والحريات ومنها اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).

لم يعد مقبولاً استمرار التنميط بالعمل الصحفي، المرتبط قبل ذلك بغياب التوازن الجندري فيه سواء لجهة كتابة المادة الصحفية، أو الوصول إلى الإدارة وصنع القرار في المؤسسة الصحفية، في وقت نتحدث فيه عن إشراك المرأة في كافة مجالات الحياة وإزالة العقبات في وجه وصولها ومشاركتها.

إن مناهضة التمييز تبدأ من ذكره بشكل صريح في القانون وتعزيز مناهضته بنصوص واضحة تحمي حقوق النساء العاملات في الإعلام، خاصةً في ظل غياب مدونات السلوك في غالبية المؤسسات الإعلامية، والتي يقع على عاتق القانون دعمها والتشجيع على تدوينها لحماية الإعلاميين والإعلاميات ونبذ التمييز فيما بينهم، ومازلنا ننتظر النقابتين، عملاً بقول محمود درويش انتظرها، لعل شراب الصحفيات يكون مرصعاًيوماً باللاذورد؟

“لم يعد مقبولاً استمرار التنميط

في العمل الصحفي”

لينا ديوب