من الأمة العربية إلى “قيصر”.. عوائق تمنع تطوير قانون اتحاد الصحفيين/ات

كتابة :
جعفر مشهدية

يتطلب العمل الصحفي في كل زمان ومكان تأمين مساحة غير محددة من الحرية مدعومة بحماية من أي تبعية لما يُنشر من نتاج طالما أنه بعيد عن الإساءات الشخصية أو لا يمس المُسلمات الوطنية بضرر.

ولا يمكن أن تكون مساحة الحرية أو الأمان واسعة طالما أن الاتحاد الناظم لعمل الصحفيين/ات المنضويين/ات في صفوفه يتبع لأي جهة أو يحتكم لمزاجية أي مسؤول وهنا تكمن “المصيبة” التي وقع في مصيدتها قانون اتحاد الصحفيين/ات السوريين/ات.

 

اتحاد الصحفيين/ات و التوجه القومي

 

حيث نصت المادة الثالثة من قانون الاتحاد الصادر في 1990 والذي طرأ عليه عدة تعديلات آخرها 2006 على أن “يؤمن الاتحاد بأهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية ويلتزم بالعمل على تحقيقها وفق مقررات حزب البعث العربي الاشتراكي وتوجيهاته”.

وتبع هذه المادة عدة إشارات في مواد مختلفة مثل المادتين /4و5/ أو الفقرة /ج من المادة 6/ تربط عمل الاتحاد وكل ما يتعلق به بالتوجه القومي العربي والمبادئ التي يقوم عليها “البعث” حصراً أو تعطي مزايا للعاملين/ات بالوسيلة الإعلامية التابعة للحزب على حساب غيرهم/ن.

هذا عدا عن وقوع الصحفي الباحث عن التصريح رهناً لأهواء المسؤول أو لروتين العمل الرسمي القائم على التعتيم من جهة والشماعات التي لا نهاية لها من جهات أُخرى ليخرج الصحفي من المسؤول بتصريح أشبه ب”خُفي حنين” إن وُجد أساساً.

وحول الأمر أفاد الصحفي محمد سليمان من دمشق “كل صحفي/ة يرغب وترغب بالانضمام لاتحاد الصحفيين/ات لكن الاتحاد بظروفه الحالية بعيد كل البُعد عن طموحاتنا ومشاكلنا”.

وأكمل سليمان أنه “في البداية يجب أن يكون الاتحاد مستقل بقراره عن أي جهة ليمارس الهدف الذي قام لأجله وهو خدمة المجتمع بكل استقلالية”.

وبخصوص علاقة الاتحاد مع الصحفيين/ات أوضح سليمان في حديثه “لا أريد نفي جهود الاتحاد بالكامل ولا دعمها فاليوم في كثير من الحالات نرى الاتحاد مشاهد صامت من الخارج مثلنا مثله إلا ببعض الحالات الصغيرة بين الفينة والأُخرى وهناك زملاء وزميلات منتسبين/ات للاتحاد تعرضوا لمشاكل لم يقم الاتحاد بواجبه ويقف إلى جانبهم”.

وختم سليمان كلامه “المطلوب من الاتحاد تأمين حماية للصحفيين/ات وقوة أمام المكاتب الصحفية التي ترفض التعاون وتقديم التصريحات عدا عن المساعدة في حل المشاكل الشخصية كالطبابة إن لم يكن مادياً (وهو ممكن وواجب) فمعنوياً”.

 

اتحاد الصحفيين/ات مظلة لاسمه

 

قال الصحفي باسل محمد من حلب “اتحاد الصحفيين/ات هو مظلة لاسمه حيث يقوم بتحصيل الاشتراكات فقط دون تقديم امتيازات لهم وعلى أرض الواقع والتجربة تستطيع أي جهة إيقاف الصحفي/ة ولا يستطيع الاتحاد حمايته”.

وتابع باسل محمد أن “هذا الاتحاد الذي لا يُقدم لنا شيء و(فوق الموتة) بات يُنسب أصحاب وصاحبات صفحات (الفيس) لعضويته ونحن أبناء المهنة لا نستطيع الوصول لمعلومة واحدة من مسؤول تفيد بحل أوجاع المواطنين/ات إلا إذا كنا من بطانته أو من داعميه”.

ولخص أحمد نحلوس صحفي من اللاذقية المشاكل التي تواجهه في تواصله مع المسؤول بقوله “المشكلة تبدأ في كون بعض المسؤولين/ات لا يدركون أن الصحفي/ة حينما يتواصل معهم/ن فهو يقدم لهم/ن خدمة ونافذة لإيضاح وجهة نظرهم/ن للرأي العام قد يبدو الأمر أن الصحفي/ة بحاجة للمسؤول لكن الحقيقة عكس ذلك والمسؤول الناجح هو من يفترض به إيضاح كل القرارات الصادرة عنه لضمان حسن تطبيقها”.

وأضاف نحلوس أن المشكلة الأعقد هي المكاتب الصحفية “يمكن للمكتب الصحفي أن يصيغ أفكار المسؤول أو الجهة الحكومية بشكل إعلامي واضح وخالٍ من الضبابية أو الكلام المستفز بدلاً من ممارسة دور مدير مكتب المسؤول أو المنظم لاتصالاته ومواعيده”.

وختم نحلوس كلامه ب”تطنيش المسؤول للصحفي أو استنسابيته في التصريح لوسائل دون أخرى هي واحدة من أهم مشاكل الصحفيين/ات في تواصلهم/ن مع المسؤولين/ات الأمر أحياناً يرتبط بالذوق قبل الغوص في المهنية والاحترافية من غير المقبول ولو ذوقياً تجاهل المسؤول لاتصالات الصحفي/ة مرة بعد مرة وحول قضايا مختلفة”.

 

أمراً مخالفاً للدستور

 

يشار إلى أن صناعة الإعلام فاقت بأهميتها أي صناعة أُخرى على مستوى العالم لما لها من تأثير قادر على تغيير مسار بلدان وكل ذلك لم يقنع القائمين/ات على العمل الصحفي بسوريا من تقديم تصريح واحد دون مواربة أو تحجج بالعقوبات أو بالتوجيه.

يذكر أن تبعية اتحاد الصحفيين/ات السوريين/ات اليوم لحزب البعث العربي الإشتراكي هو أمر مخالف للدستور الذي صدر 2012 والذي تم خلاله إلغاء المادة /8/ التي كانت تقضي بأن الحزب قائد للدولة والمجتمع وعليه بعد التعديل بات من الواجب الدستوري فك ارتباط أي مؤسسة أو منظمة عامة بالحزب.


“تبعية اتحاد الصحفيين/ات السوريين/ات
لحزب البعث أمر مخالف للدستور”

حعفر مشهدية