خطاب الكراهية والتمييز يلاحق الفتيات والنساء حتى خلال الكوارث

كتابة :
وهاج عزام

يتنامى خطاب الكراهية في الأزمات والحروب بشكل ملحوظ ومتوقع، خاصة إذا كان هناك نزاعات طائفية أو إثنية أو ما شابه، إلا أنه من غير المبرر ظهور خطاب كراهية في ظل كارثة طبيعية كـ الزلازل مثلاً.

وهنا نتحدث عن خطاب الكراهية تجاه النساء خلال زلزال سوريا وتركيا في شباط 2023، المتمثل بعدم احترام حاجاتهن خلال فترة الدولة الشهرية، الأمر الذي لاحظه ناشطون وناشطات في محافظة اللاذقية السورية.

 

تجارب ناشطين/ات!

 

يقول رامي إسماعيل الذي تسلّم مسؤولية أحد الفرق التطوعية خلال الكارثة، إنه لاحظ قيام بعض الأشخاص بلجم بناتهن وأخواتهن عندما كنّا يطلبن مستلزمات الدورة الشهرية، متوجهين لهنّ بعبارات مثل “هلق وقتك؟” و “دبري حالك بأي شغلة”، محملين النساء أعباء إضافية على الكارثة التي وقعت عليهن.

ويضيف “إسماعيل” إن جزءاً كبيراً من الآباء والأخوة كانوا غير متفهمين لحاجيات بناتهن خاصة المراهقات منهن، إذ كانوا يعتبرون أنهن ما زلن صغيرات على “هذه الأمور”، مما صعّب الأمر على الفرق التطوعية التي كانت تُحرج أحياناً سؤال الفتيات عما يحتجنه حسب تعبيره.

وفي هذا السياق تجيب ميس وهي شابة عملت مع مجموعة من الشبان والشابات خلال فترة الزلزال في مدينة جبلة، وفضّلت عدم الكشف عن اسمها الكامل.

تتحدث “ميس” عن وعي الفرق التطوعية الذي تطور خلال التعامل مع الحالات المشابهة لما ذكره رامي إسماعيل أعلاه، حيث شددت على أن الفرق التطوعية العاملة على الإغاثة يجب ألا تشعر بالحرج من التعامل مع مثل هذه القضايا كونها ليست مُحرِجة من وجهة نظرها، وأن الطلب من الفتاة ألا تبوح باحتياجاتها هو شكل من أشكال الضغط عليها والذي قد يقود إلى خطاب كراهية هو الآخر.

وتتابع ميس: “جلست مع العديد من النساء والفتيات اللواتي اضطررن لاستخدام أدوات بدائية وغير عقيمة بسبب عدم استجابة أزواجهن أو أخوتهن لمتطلباتهن خلال تواجدهن في مراكز الإيواء، إضافة لعدم اهتمام غالبية الفرق الإغاثية بتوزيع المناديل الصحية اللازمة للدورة الشهرية”.

 

خجل مجتمعي!

 

 تخالف الناشطة المدنية فوز جحجاح رأي “رامي”، وتقول: إنها لم تلاحظ رفقة الجهات التي عملت معها خلال الكارثة، وجوداً لخطاب الكراهية ضمن محافظة اللاذقية.

وأكدت  “جحجاح” أنه وقبل الزلزال كان هناك مجموعة من المبادرات المجتمعية التي عززت الوعي تجاه حاجيات النساء، ومن ثم اتجهت الاستجابة الأولية لهذه المجموعات نحو المساجد والكنائس ومراكز الإيواء التي لجأ إليها الأهالي، وبعدها نُظم الأمور وتأسست منصة خاصة للحاجيات النساء وتم من خلالها تلبية ما يُطلب مما يخص هذه الحاجيات على وجه السرعة، وكانت التجاوزات محدودة جداً.

من جانبها الناشطة النسوية فيحاء جبارة بيّنت أن ما شهدته تلك الفترة كان خطاب تمييز وعنف قائم على النوع الاجتماعي أكثر من كونه خطاب كراهية، من خلال منع الفتيات والنساء خلال الدورة الشهرية من دخول المساجد التي كانت في بعض الأحيان الملجأ الوحيد للناجيات والناجين.

وأضافت أن بعض الأشخاص العاملين بالإغاثة كانوا يخجلون أو يرفضون توزيع “فوط صحية” وكانوا يمتنعون عن سؤال العائلات إذا كان لديهم نساء أو فتيات بحاجة إلى هذه المستلزمات لأن ذلك بالنسبة لهم كان يعتبر “عيباً”، وهذا ما صنفته “جبارة” ضمن الكراهية والعنف.

وانتقدت فيحاء عدم وجود ملاجئ أو مساحات آمنة تأخذ بعين الاعتبار الحساسية الجندرية في حال حصول كارثة ما، إذ لا تتوفر بيئة مناسبة لنساء لم يعتدن على التعبير بوضوح عن أنفسهنّ وعن حاجياتهن وخاصة الدورة الشهرية التي يتعاملن منها على أنها “عيب”.

إذاً هي مسؤولية مشتركة، ما بين السيدات والفتيات، والفرق الإغاثية والهيئات المجتمعية، فعندما يتصاعد الوعي لدى الأهالي والفتيات يسهل تعامل الفرق مع أوقات الكوارث وتتجنب حدوث خطاب كراهية أو خطاب تمييزي، وهذا الوعي باستنتاج المداخلات التي استعرضناها في هذه المادة، يستند أساساً إلى مجهود ينبغي أن يبذله ناشطو وناشطات المجتمع المدني والأهلي عموماً لكسر وهم “العيب” الذي يرافق حالة فيزيولوجية طبيعية تعيشها النساء شهرياً ويتحملّن إضافة إلى آلامها وما يرافقها من أعراض جسدية، وصماً اجتماعياً وخطابَ كراهية لا مبرر ولا تفسير منطقي له.


“خطاب الكراهية غير مبرر

في ظل كارثة طبيعية “

وهاج عزام