“بين المزح والجد” عنف رياضي يُمارس على النساء المشجعات

كتابة :
رنيم غسان خلوف

لم تكن بعض جماهير كأس العالم تنتظر فقط ضربة مرمى أو هدفاً للفريق المفضل، أو حتى تسللاً يصفّر بعده الحكم وينذر أحد الفريقين بخطأ ارتكبه، بل كانت صور وفيديوهات النساء اللواتي يحضرن المباريات سواء في أرض الملعب أو في المقاهي محط انتظارٍ وأنظار لبعض المشجعين، الذين أصدروا بحقهن ألفظ تعنيف سواء لشكلهن الخارجي ولتشجيعهن لبعض الفرق، مع وجود ردود نسوية تدافع عن حقوق النساء بالتعبير عن رأيهن الرياضي وخبرة بعضهن، لكن هل يستطيع أي رجل توجيه عنفٍ لفظي لسيدةٍ رياضية؟ أو بالأحرى ألا يحق لغير الرياضيات منهن تشجيع وفهم كرة القدم تحديداً؟

في سطور هذه المادة الصحفية مجموعة آراء لسيدات يتحدثن حول موضوع التعرض للعنف نتيجة تشجيعهن لكرة القدم.

 

ممنوع!

 

يعتقد البعض أن حرمان النساء من مشاهدة المباريات يكون بدافع “الحرام” في بعض المجتمعات المتعصبة كنوع من العنف فقط، لكن هناك شكلٌ آخر من أشكال العنف الذي تتعرض له بعض النادلات ممن يحبن كرة القدم وكأس العالم، في منعهن من المشاهدة حتى في المقاهي التي تعرض كأس العالم، وعن هذا تقول “هيام علي 23 عاماً وهي طالبة جامعية وتعمل نادلة في أحد مقاهي المزة: ” أنا أشجع البرازيل وأتفاعل من خلف الشاشة لا استطيع المشاهدة، لأن صاحب المطعم منعنا من التركيز في الشاشات ومشاهدة المباريات، فقط علينا أن ننتبه على الزبائن، فأنا أراقب وجوه المشجعين والمشجعات ومن خلال تعابيرهم/ن أعرف النتائج، يرقص قلبي تماماً مع كل مشجع/ة من فريقي، وتتابع ضاحكةً أنها صرخت مع “الغول الثاني” للبرازيل رغم عدم مشاهدتها للشاشة، تعقب: ” أنا مجبورة إني اتحمل، وحتى لو طالبت بحقي إني اتفرج من يخدم الزبائن إن طلبوا حاجة، وتؤيد أن عدم مشاهدتها للمباريات التي تحب هو عنف واضح من المالك للمنشأة، لكن ربما يكون حقه حسب تعبيرها، لأن هذا مكان عمل!

 

التعنيف اللفظي

 

وفي سياق تعنيف آخر تتعرض له الفتيات بسبب التشجيع لكرة القدم، يتصدر التعنيف اللفظي الذي يحمل في طياته مزحاً أحياناً وجداً أحياناً أخرى، وبين المزح والجد تختلف ردود فعل النساء حول موضوع التعنيف الرياضي الذي تتعرضن له، فمنهن من تلتزم الصمت، ومنهن من ترد حسب طريقة كلام مناسبة للطريقة التي تلقت بها العنف سواء بمزح أو جد، ومن أصل 25 سيدة مشجعات لمباريات كرة القدم، 5 منهن فقط أجابت أنهن لا يتعرضن لتعنيف أبداً ومشاهداتهن تلقى احتراماً من قبل عائلاتهن ومحيطهن، بينما تحدثت ” دانا 34 عاماً أن الحديث بسخرية لغالبية الفتاة وهي تحديداً أنها تتابع وتشجع فريق البرازيل، ” وهذا يعني عدم درايتها بالرياضة، لأنه الفريق الذي يشجعه أي شخص في العالم، وتتهم إذا كانت تعلق على حركة رياضية بعبارة ” من أيمت بتفهمي بتكنيك اللعب”؟ وكأن فهم تكنيك اللعب خلق للرجال فقط!، بينما تتحدث “ديمة حمدان” عن أن العنف يكمن في طرق الاستغراب أنها تفهم بكرة القدم وتشجعها، لكن استمراها جعلها تقنع محيطها أن هذا الموضوع عادي ومن حقها أن تعبر وتفهم وتشجع من تريد، وتؤيدها في الرأي ” نور خالد” التي تتعرض للسخرية في حال عبرت عن رغبتها بالتشجيع والمتابعة، بينما تقول ” ناديا أحمد” أنها تعرضت لإساءة وعنف لفظي من أحد زملاءها الذي عبر أن مكان المرأة المطبخ فقط، ومشاهدتها لكرة القدم والمونديال مضيعة للوقت!

 

بالطبع حالات العنف اللفظي تكون نسبية من شخص لآخر ومن حالة لأخرى لا يمكن تعميمها وخصوصاً أن وجود السيدات في المقاهي إلى جانب الرجال كمشجعات أصبح واضحاً وملحوظاً في السنوات الأخيرة، لكن ربما لا تخلو طاولة مشجعين ومشجعات من سخرية على سيدة أرادات المتابعة والمشاهدة فقط، أو ربما متمرسة في كرة القدم وتحب أن يعلوَ صوتها تشجيعاً دون أن تتعرض لمزحٍ ثقيل يندرج في إطار السخرية على هدف شجعته سيدة بحب.

“حالات العنف اللفظي تكون نسبية

من شخص لآخر ومن حالة لأخرى “

رنيم غسان خلوف