الحملات الإعلامية… ضرورة تخدم قضية

كتابة :
سحر سبيب

يلعب الإعلام دوراً هاماً في حياة المجتمعات الإنسانية، فهو يسهم في تشكيل عقول وأفكار أفرادها، ويوجه سلوكياتهم، ويعمل على رفع الوعي المجتمعي في كافة القضايا مستخدماً لتحقيق ذلك أساليب مختلفة عبر وسائله المتنوعة.

الحملات الإعلامية هي واحدة من تلك الوسائل التي تهدف للتأثير والتغيير في السلوك المجتمعي. تنفذها بعض الوزارات والدوائر الحكومية، ربما تأتي للتذكير بمناسبات وأيام دولية، وكلها في مجملها ظاهرة اجتماعية سليمة ومطلوبة وتساهم في رفع مستوى الوعي العام ما يدعم حركة التنمية والتطور في المجتمع.

فمن منا لم يتأثر بالحملات الإعلامية التي انتشرت مؤخراً، ولسنوات، للتوعية بمخاطر فايروس كورونا، وبات الجميع يتبع الإجراءات الاحترازية التي تضمنتها الحملات، إن لم يكن بهدف الحفاظ على صحتنا، كان بدافع الخوف على أبنائنا والوسط المحيط بنا، وكم من سيدة صادفتها الإعلانات الطرقية، أو سمعت وشاهدت حملات التوعية للكشف المبكر لسرطان الثدي، فقامت بإجراء الفحوصات اللازمة، وهذا ما أكدت عليه ر.ش قائلة:

“شاهدت الإعلانات الطرقية الخاصة بالتوعية لأهمية الفحص المبكر للكشف عن سرطان الثدي، والطريقة التي تم عرضها بها عبر التلفزيون أقنعتني لإجرائه.. خاصة أني أعاني من مشاكل صحية نسائية وفي عائلتي قصة وراثية.. والحمد لله أنني سليمة.. وسأواظب على هذا الفحص كل عام خاصة أنه مجاني ومنتشر في مراكز طبية كثيرة”

الوعي والمعرفة تبدأ من الصحفي حامل الرسالة

 

إن تنظيم حملات التوعية المجتمعية ونشرها عبر وسائل الإعلام، يكون أساسها العمل ميدانياً على الأرض، ووفق استراتيجيات منتظمة تكون موضوعة حسب خطة سنوية، وهذا ما أكده الأستاذ عمار غزالي مدير الإعلام التنموي في وزارة الإعلام إذ يرى:

“أنه كلما لامس الإعلام هموم الناس، كان قريباً منهم أكثر، مؤكداً على  أهمية دوره في المساهمة بالتوعية لمختلف القضايا التي تتناولها الحملات، وتقوم مديرية الإعلام التنموي في وزارة الإعلام السورية، ومن خلال خطة سنوية بالتوعية عبر شقين من العمل، شق يرتبط بالتوجه للإعلاميين لتطوير قدراتهم وتدريبهم للاطلاع على مختلف القضايا، فمن واجب أي صحفي يريد الكتابة عن أي موضوع، أن يكون في جعبته  المعلومات الكافية عنه فالصحفي هو رسول الوعي للجمهور فإذا لم يكن ملماً وعارفاً بالموضوع، فكيف سينشر الوعي والمعرفة لغيره؟

والشق الثاني من العمل، هو ما يتعلق بحياتنا المليئة بالظواهر الاجتماعية السلبية، والمشاكل والقضايا التي تهم كل الناس مثل التسول، الإعاقة، التسرب المدرسي، العنف ضد المرأة، حقوق الطفل، احترام كبار السن، التدخين، المخدرات. فمن الضروري تسليط الضوء على هذه الظواهر وفق حملات إعلانية طرقية وأخرى مختلفة الأشكال، ففي فترة كورونا نشرنا لوحات إعلانية عن فايروس كورونا لنشر المعرفة والوعي بأعراض الإصابة بهذا “الفايروس” وإجراءات العلاج والوقاية منه، وقد قمنا بإنتاج فيديوهات درامية قصيرة لمدة دقيقة واحدة، لأن الدراما قريبة من الناس وسريعة الوصول إليهم والتأثير عليهم، كما توجهنا إلى الإذاعات عبر رسائل قصيرة، بحكم مرافقة الإذاعات للمواطنين أثناء تنقلهم، واعتمدنا أيضاً أسلوب “الغرافيك والأنيميشن”، وقمنا ببثها عبر التلفزيون والمواقع الإلكترونية في القطاعين الحكومي والخاص، واستخدمنا الأفلام القصيرة للتوعية بقضايا مختلفة، مثل العنف ضد المرأة، الزواج المبكر، أهمية تقارير ما قبل الزواج وغيرها من القضايا الاجتماعية الأخرى.

وبالنسبة لقياس الأثر أو مدى نجاحنا  في الحملات التي نقوم بها، فنحن نحدد نجاح أي عمل من خلال الناس، وللأسف لا نقوم بقياس الأثر لأننا بحاجة إلى فريق مختص، و خلال فترة كورونا لاحظنا وجود نسبة مشاهدات ومتابعات عالية للحملة، وهذا دليل نجاح وتأثير على الناس، مع توفر عوامل مساعدة مثل التيار الكهربائي الذي كان وضعه  أفضل، والتزام الناس في منازلها وقت الحجر.

والآن نتوجه إلى “السوشل ميديا” فهذا ضروري جداً لأنها الأكثر شيوعاً بين الشباب والشابات، وهي المسيطرة حالياً، ولا نلغي بالتأكيد دور الإعلام التقليدي، لأنه بات له أيضاً صفحات ومواقع.

 أعود لأؤكد على دور الإعلام في التوعية بالقضايا التنموية

              

“أتفاعل مع هكذا حملات وأشجعها”

 

وبدورها أكدت شرود الخالد المعدة في قناة نور الشام: أنها تهتم بأي حملة إعلامية وتأخذها على محمل الجد، وتتقيد بها، ليقينها أنها للمصلحة الشخصية والعامة، ولا تتجاهل هذه الحملات وخاصة تلك المتعلقة بالأمراض الوبائية.

فالكورونا التي امتثلنا بجدية كاملة لكل التعليمات والإرشادات للوقاية منها، من خلال التعقيم والابتعاد ما أمكن عن الاختلاط وارتداء الكمامات، ورغم كل ما قيل عن أضرار لقاح كورونا إلا أني سارعت لأخذه إيماناً مني بجدية الموضوع وأهميته، وكذلك الحال بالنسبة لحملة التوعية بالفحص المبكر عن سرطان الثدي.. حقيقةً أنني أهتم وأتفاعل مع هكذا حملات وأشجعها.

إن تغيير السلوكيات والعادات الضارة في المجتمع، بعد انتشار الحملات الإعلامية يرتبط بمدى الوعي والثقافة والاهتمام بالصحة. كان هناك تفاعل وتجاوب كبيرين من الناس الذين أعرفهم مع هذه المواضيع، لكن النجاح لا أستطيع تقديره لأن الأمر متعلق بمعرفة ومتابعة وأرقام إحصائية دقيقة وأنا لا أملكها.

أهمية المواكبة الإعلامية للحملات

 

في حين يرى مهران خربوطلي مدير البرامج في إذاعة صوت الشباب:

أن التغطية الإعلامية لأية حملة توعوية، تقوم بها أي جهة، هي عامل نجاح مهم لها، إن لم يكن الأهم، إذ لا يمكن نجاح الحملة دون مواكبة إعلامية ترصد النشاطات والتحركات التي تقوم بها الجهات المسؤولة عن الحملات، لذلك كان الإعلام الرسمي حاضراً في كل حملات التوعية من منظورين، مهني وإنساني، فلا يمكن فصل الإعلام عن المجتمع وقضاياه، خاصة الإنسانية منها…

ونحن في إذاعة صوت الشباب، وانطلاقاً من دورنا كإعلام وطني يُعنى بقضايا المجتمع بكل شرائحه، حرصنا على التواجد في كل حملات التوعية، وبأشكال مختلفة، إما من خلال النقل المباشر للفعاليات من أماكن حدوثها، أو من خلال إطلاق برامج خاصة، أو توجيه البرامج القائمة للحديث عن الحملات بشكل أوسع، واستضافة القائمين عليها للمساهمة في إيضاح الصورة بشكل أكبر للجمهور المتلقي، بالإضافة لفواصل توعوية (سلوغونات) تخص الحملة، وتبث على مدار اليوم لتعزز وترسخ الأفكار المطروحة لدى مستمعي الإذاعة.

 

التخطيط وتحديد الهدف عنوان لنجاح الحملات الإعلامية

 

تخطط الكثير من الهيئات والمؤسسات لحملات معينة، وهي ترى موضوع الحملة قضية مهمة، ولكنها لا تركز على الجمهور المستهدف، الذي يجب أن يدرك أهمية موضوع الحملة، لذا على الجهة المنظمة دراسة وتحديد مدى احتياجات الجمهور المستهدف لهذه الحملة، وكيف يمكن أن تؤثر على الأفراد عن طريق تدعيمها بالحقائق والإحصائيات، فأول أسباب نجاح حملات التوعية هو وجود الهدف، وعندما تفتقر الحملات إلى هدف قابل لقياس الأثر فإن الجهود المبذولة ستضيع، وهذا الأمر يرتبط بالتخطيط الجيد وطريقة التنفيذ، فلا يمكن استخدام نفس الخطاب واللغة، ونفس الطريقة والأسلوب في كل الحملات، مع ضرورة وجود هوية بصرية منسجمة وواحدة في كل المنشورات، من أجل ترسيخها في الذاكرة، واعتماد شعار جذاب غير مستهلك لا يُنسى، وكلما تشاركت المنظمات والهيئات في إطلاق وتنظيم الحملة ازداد نجاحها وتأثيرها وبالتالي ينعكس أثرها الإيجابي ويعلو صوت القضية.

“لا يمكن استخدام نفس الخطاب واللغة،

ونفس الطريقة والأسلوب في كل الحملات 

سحر شبيب