وسمت حمص عبر الحقب الزمنية  وبتغيّر الأنظمة السياسية التي حكمتها، حقيقة تفسر سبب منحها لقب “العديّة”، فحمص كانت دائما صعبة المراس في معارك الجغرافيا السياسية، ويدلل على ذلك  أمثلة عديدة قديمة وحديثة من التاريخ السوري.

ماذا تعرف/ين عن حمص “العديّة”؟

سؤال يفترض أجوبة نمطية عن سمات أكبر المحافظات السورية، أجوبة يعرفها كل زائر  ومقيم و عارف  لأسرار هذه المدينة  كأصل حلاوة الجبن ، وسر يوم الأربعاء السعيد، وقصة جنون الشاعر (ديك الجن) الحمصي بمعشوقته ورد، وأسطورة نهر العاصي في الميثولوجيا السورية.

حمص أُم الفقير:

بعيداً عن الأجوبة النمطية التي يدركها العارفون والعارفات بحمص وأهلها وتاريخها وتراثها،  تكتسب حمص لقبا آخر وهو  ” أم الفقير”، لقب يُستنبط من حقائق مختلفة يعايشها الناس في الأسواق التجارية الحمصية، لا عجب وبضائع حمص هي الأرخص ثمناً، دوناً عن كل الأسواق في المدن السورية!.

“أم الفقير ” التي استوعبت هجرات الفلاحين/ات من الأرياف المختلفة منذ عقود، فمدّنتهم ببساطتها الجميلة، ليشكلوا بتعايشهم مع أهالي حمص المدينة من السكان الأصليين، نموذجا فريدا للتماسك الاجتماعي حتى العام 2011.

حمص عقدة الوسط وعليها يبنى السلام:

ما إن حلّ العام 2011 ومع اندلاع الثورة السورية، تغير المشهد الحمصي خصوصا والسوري عموما، فكانت الصورة في حمص هي الأقسى والأعقد، إثر اتباع سياسات ممنهجة سلبية خلال الحرب السورية ساعدت في تعزيز الانقسام المذهبي والتغيير الديمغرافي، بشكل شوه فيما بعد البنية الاجتماعية لحمص وكان ذلك في سنوات الثورة الأولى، وأنتج هذا الشكل من السياسات قوالب جاهزة يستفاد منها في إشعال فتيل أي صراع داخلي مرحلي ومستقبلي.

أما اليوم وفي سوريا الجديدة، يُعلّق على حمص أهمية كبرى في تحقيق السلم الأهلي، كمسألة مفصلية تحتاج جهدا كبيرا لرأب الصدع الاجتماعي بين المكونات المختلفة في المحافظة. سلم أهلي يجمع لا يفرق، و يعبّد طريق المصالحة للسير نحو عدالة انتقالية يمكن الانطلاق منها حال نجاحها وإتمامها نحو جمهورية ثالثة وتأسيس عقد اجتماعي جديد في سوريا الجديدة التعددية والمدنية.

بقلم دينا عبد الله