حمص..مشهدية الحرب والثورة:
تمتلك حمص خصوصية في الثورة السورية، فهي عاصمة الثورة ومنبت أبطالها على اختلاف تضحياتهم/نّ. وعلى خارطة الحرب السورية، وبالنظر لأهمية حمص الجيوسياسية خلال سنوات عسكرة الصراع السوري، دخلت هذه المدينة خط التوتر العالي الراسم لمناطق النفوذ بين أطراف الصراع آنذاك، فكان المشهد فيها مستفيضاً بالألم والجراح، إذ ركز النظام الحاكم السابق وحلفاؤه حينها على دق الإسفين في بناء حمص الاجتماعي وضرب سلمها الأهلي.
مشهدية السلم الأهلي:
ومع تغير المشهد الكلي في سوريا بعد تاريخ 8/12/2024 وتجاوز الأيام الأولى لهذا التغيير بصعوبة وحساسية، عبر محاولات لضبط الفوضى والأعمال الانتقامية، تتزايد وتيرة العمل المدني في حمص طرداً مع تحسن الوضع الأمني والعكس صحيح. فالمراقب لحركة العمل المدني والأهلي في حمص، يلمس حرصاً من أهاليها على استمرار عقد اللقاءات والمشاورات فيما يخص قضية السلم الأهلي بحمص على وجه الخصوص.
نشاط أهلي ومدني محموم، أثمر عن انطلاق اللقاءات الدورية الخاصة (بمجموعة السلم الأهلي/حمص) بحضور وجوه من أهالي المدينة ونشطاء/ناشطات مدنيين/ات، وذلك بعيد لقاء أعضاء المجموعة بمسؤول الإدارة السياسية في الهيئة بحمص السيد (عبيدة أرناؤوط) في 23/12/2024 وتقديم ورقة عمل تتضمن سبعة بنود أساسية لدعم وتعزيز السلم الأهلي بحمص.
مشهدية النموذج الحمصي للعدالة الانتقالية:
ورغم المنغصات التي تولّدت عن بعض الانتهاكات الموثقة في مناطق مختلفة بحمص، من عمليات اختطاف منظم أو اعتداء بدوافع ثأرية و انتقامية، وتنفيذ الاعتقالات المبنية على شكاوى كيدية، ضد بعض الأفراد و الجماعات الأهلية خلال الفترة الماضية، إلا أن مسألة تحقيق السلم الأهلي بحمص تبدو أولوية ومرتكز يمكن البناء عليه لنموذج سوري مستقبلا عبر التأكيد على أن العدالة يجب أن تكون انتقالية لا انتقامية، وبناءا على ذلك وضمن نشاط المجتمع المدني بحمص، نظمت (رابطة المحاميين الأحرار) بحمص يوم الخامس من شباط الجاري جلسة حوارية في إطار التحضير لمؤتمر العدالة الانتقالية، جرى فيها مناقشة “دور العدالة في حمص كنموذج لسوريا مستقبلا”، وأكدّ فيها المجتمعون على أهمية توثيق الانتهاكات وتحقيق المحاسبة، وبناء المصالحة الوطنية على أسس العدالة ومعرفة الحقيقة.
بين ماضٍ يؤرّخ لسنوات الحرب والثورة، وحاضر يدفع باتجاه تحقيق السلم الأهلي والعدالة الانتقالية، ثلاث مشهديات حمصية تعكس واقع ما يجري على مسرح الأحداث في سوريا.
بقلم دينا عبد الله