بموجب المرسوم حصلت فاطمة الحسن على وظيفة .. ماذا عن البقية؟

كتابة :
طارق الميري

تنتظر فاطمة الحسن (44 عاماً) صباح كل يوم وسيلة نقل حتى تصل إلى عملها في شركة كهرباء ريف دمشق، في مشهد اعتادت عليه منذ سنوات متحدية إعاقتها في الأطراف السفلية، تذهب إلى الصالة الرياضية للتدرب على رياضتها المفضلة في رفع الأثقال والتي بدأت منذ العام 2006,وكان لفاطمة مشاركات في البطولات الآسيوية والعالمية، كانت قد وصلت بها إلى منصات التتويج.

لم يكن طريق فاطمة سهلاً، فقد اعترضته العديد من الصعوبات، سواء على صعيد العمل أو الرياضة، لكن فاطمة كانت دائماً تتحدى الظروف الصعبة لتصل لعيش كريم وحياة طبيعية.

 

صعوبة الحصول على عمل

 

تعمل فاطمة بشركة كهرباء ريف دمشق منذ سنوات طويلة، لتتمكن من إعالة نفسها في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع الوضع المعيشي في سوريا.

تقول: “توظفت بموجب مرسومٍ كوني حققت بطولة دولية، فأي بطل رياضي، يحقق إنجاز، يحصل على وظيفة من غير شروط”.

وتقول الحسن: أنه لولا المرسوم لم تكن لتحصل على عملٍ، وخاصة أن اكتساب ذوي/ات الإعاقة وظيفة “صعب جداً”، والحجة دائماً “ليس هناك شواغر”.

ينص قانون العاملين الأساسي في سوريا رقم ٥٠ لعام ٢٠٠٤وتعديلاته، أن تكون نسبة تشغيل ذوي/ات الإعاقة لدى الجهات العامة 4%.ولليوم لا يوجد أي إحصائية أو جهة تؤكد تطبيق القانون وتوفير فرص العمل لهم.

 تذكر فاطمة أن العديد من رفاقها من ذوي /ات الإعاقة , وممن لا يحترفون/ن الرياضة، لم يستطيعوا/ن  الحصول على فرصة عمل رغم المحاولات العديدة.

وتضيف “أغلبهم/ن  يحملون اختصاصات جامعية متعددة، مع ذلك لم يحصلن /وا على عمل إلا بصعوبة بالغة”. وأن حصل البعض منهم/ن على عمل فبأجر قليل وجهد جهيد، لذلك يعتمد معظمهم/ن على مساعدة الأهل أو الإعانات.

وأردفت: كل ذلك ولد حالة من الإحباط لدى الكثير من ذوي/ات الإعاقة، و خاصة أن الحرب فاقمت الظروف الحياتية للأكثرية الساحقة من الشعب السوري.

 

ظروف العمل

 

تمارس فاطمة عملها بشكل طبيعي، فهي تحرص على إنجاز الأعمال المطلوبة بوقتها المحدد، ولا تسمح لأي شيء أن يمنعها من إثبات قدرتها على القيام بأي مهمة وعلى أكمل وجه.

وتقول: “أحرص على إثبات نفسي، فلا وجود لأي إعاقة تمنعني من القيام بأي شيء، وأحظى باحترام الجميع في عملي”.

وتوضح رغم معاناتها من صعوبات عدة في بداية عملها، تجلت في نظرة بعض زملائها وزميلاتها، لكن التعامل اليومي غير الأمر تدريجياً مع مرور الزمن.

وحالياً “اختفت أي نظرة سلبية بل هناك فخر واحترام من قبل الجميع وأعامل مثل باقي زملائي” حسب الحسن وحديثها.

 

المواصلات الهاجس الأكبر

 

“من الصعب الحصول على مكان بوسائل النقل العامة، وليس لدي القدرة على الركوب في سيارات الأجرة يومياً كون الأسعار مرتفعة”.

بهذه الكلمات تروي فاطمة معاناتها اليومية مع المواصلات للوصول إلى عملها، وتضطر في أحيان كثيرة لركوب سيارة أجرة مما يكلفها 10 آلاف ل. س.

تقول فاطمة: ” الأشخاص الأصحاء يعانون عند ركوب وسائل النقل، فتخيل حجم معاناتنا

أضطر لركوب سيارة أجرة مع عدد من الأصدقاء، وهذا مرهق مادياً كون راتبي قليل”.

وتطالب فاطمة بحل مشكلة المواصلات كونها “الهاجس الأكبر للمعاق سواء إن أراد الذهاب إلى العمل أو الجامعة أو أماكن التدريب”.

 

المشاركات والإنجازات الرياضية

 

حصلت فاطمة منذ بداية مسيرتها في رياضة القوة البدينة بالعام 2006، على ميدالية برونزية في الدورة الأسيوية بماليزيا، ونالت في العام 2007 ميدالية فضية في مشاركتها بالدورة العربية في مصر.

كما أحرزت ذهبيتين في مشاركتها ببطولة غرب آسيا لعامي (2008 ,2009)، و المركز الثاني في الدورة الآسيوية عام 2010,إضافة لحصولها ست مرات على المركز الثاني في بطولة فزاع.

شاركت في مسابقة القوة البدنية بدورة الألعاب البارالمبية في العاصمة اليابانية طوكيو، وحلت بالمركز السادس ضمن منافسات وزن 61 كغ.

 

الصعوبات الرياضية

 

تحقيق فاطمة الحسن العديد من الإنجازات الرياضية، لم يمنحها مع غيرها من الرياضيين فرصة الحصول على ظروف جيدة للتدرب، فالطريق كان مليئاً بالصعوبات.

تعاني الحسن العديد من المشاكل بالمجال الرياضي، في ظل قلة التجهيزات ومراكز التدريب والصالات، إضافة إلى غياب المعسكرات والتقصير من ناحية تحضير الرياضيين/ات للبطولات .

أكدت فاطمة عدم المساواة مع الرياضيين/ات الأصحاء من ناحية الراتب والتكريم والاهتمام، مطالبةً بتحقيق المساواة وتأمين عوامل نجاح اللاعبين واللاعبات من تجهيزات ومعسكرات ومدربين على مستوى عالٍ. فاطمة ليست الوحيدة بمعاناتها بل يوجد العديد من ذوي الإعاقة تواجههم/ن صعوبات مختلفة ، وإن نجحت هي بالحصول على فرصة عمل ، فإن الكثير من ذوي /ات الإعاقة لم تتوفر لهم/ن الفرصة , رغم وجود قانون يؤكد أحقيتهم/ن بذلك ,و أي محاولة لإيجاد حلول في المدى المنظور غير ممكنة على أرض الواقع، في ظل قلة الاهتمام بحقوقهم/ن في بلاد تعاني من وضع اقتصادي مرهق للجميع وهذا يتطلب من المعنيين مزيداً من المسؤولية و المتابعة لتطبيق قانون يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية  في بلاد تحتاج  لاستثمار كل طاقة فاعلة فيها لتستعيد مكانتها وألقها من جديد.

أحرص على إثبات نفسي، فلا وجود لأي

إعاقة تمنعني من القيام بأي شيء

 

فاطمة الحسن