مناهضة خطاب الكراهية وتعزيز العيش المشترك السلمي ما دور الإعلام؟

كتابة :
نورا جولاق

أصبح موقع فيس بوك جزءاً من الثقافة الحديثة للسوريين، يساهم بتكوين آرائهم وصناعة توجهاتهم، فهو يشغل الجزء الأكبر من يومياتهم. ونظراً لسرعة وسهولة الوصول للخبر والمعلومة صار فيس بوك مصدراً هاماً في حياتهم لمعرفة مستجدات وتطورات الأحداث والأخبار، لكنه أضحى أيضاً ساحة وبيئة خصبة للخلافات والنقاشات التي تفضي في بعض الأحيان إلى التحريض ونشر خطاب الكراهية.

 

خطاب الكراهية

 

خطاب الكراهية ظاهرة قديمة جديدة، لكنها اليوم أخذت تنتشر مع انتشار وسائل التواصل الرقمية والاجتماعية المختلفة، وبدأ الأمر يحدث إساءات وتأثيرات سلبية متعددة تجاه شخص أو مجموعة بسبب خصال شخصية أو انتماءات عرقية أو طبقية، دينية أو إيديولوجية يعتقدون بها أو ينتمون إليها.

الإنترنت فتح المجال واسعاً أمام الجميع للنقاش والتعبير عن كل ما يجول بعقولهم، وبدأ العديد من المتعصبين والمتطرفين استغلال شبكات التواصل لنشر أفكارهم ومعتقداتهم المشوبة بالتعصب والكراهية ونبذ الآخر.

انتشر خطاب الكراهية  بين الناس وخاصة بين فئة الشباب، فازداد التطرف، وتفاقمت الفتن، وزُرعت الفرقة والتناحر بين أبناء المجتمع الواحد، ورُفض الاختلاف الذي يخلق التنوع مما أضعف الانسجام والتماسك المجتمعي.

حملت هذه الظاهرة توصيفات عدة، يمكن أن نجملها في العنف اللفظي والكره البيّن والتعصب الفكري والتمييز العنصري والتجاوزات التعبيرية القدحية والنظرة الاستعلائية في الخطاب المصحوب بالإقصاء.

يتجلى خطر هذه السلوكيات والممارسات واضحاً في وسائل التواصل الجديدة التي غدت ساحة لنزالات ومعارك مخجلة تنتشر وتتسع كالنار في الهشيم، يرتد تأثيرها على فئات من الناس تصدق كل ما يقال دون تثبت أو تحر، وثمة شرائح غير واعية، لا مانع لديها أن تقتات على التلفيق وتسترزق من الشائعات.

إن انتشار هذه الممارسات من عنف ورفض وكره وتميز عبر خطاب استعلائي إقصائي يستدعي الوقوف في وجهه والتصدي له دون أن يعني ذلك تقييد حرية التعبير أو حظرها، إنما يعني أخذ التدابير اللازمة لمنع تفاقم خطاب الكراهية خشية تحوله إلى ما هو أقسى وأخطر.

إن اتخاذ القرار والتدابير التي تجعل التعليم بحال أفضل، وفتح مساحات للنقاش المثمر الذي يغني ويضيف، فضلاً عن إعلام يتسم بالتنوع والتعددية ويعطي تمثيلاً أفضل لكل التيارات والفئات المجتمعية لاسيما أولئك الذين يشعرون بالتهميش والإقصاء، هنا تقع على وسائل الإعلام مسؤولية العمل على ترسيخ وتعزيز قيم التسامح والتلاحم ونشر ثقافة قبول الاختلاف والتنوع.

 

ميثاق الشرف

 

يضمن الالتزام بميثاق الشرف المهني في العمل الإعلامي، نبذ الخطاب الباعث على البغضاء والكراهية والمحرض على الفتن والقلاقل، وحظر نشر الأخبار والحوادث بطريقة تخلق التحريض والغضب والعمل على إخماد الفكر الإقصائي لصالح ثقافة إنسانية أخوية تسعى لإرساء دعائم الأمن والسلم الاجتماعي.

كما ويترتب على وسائل الإعلام أن تلعب دوراً في مكافحة التمييز وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة ووضع ضوابط للمنابر الإعلامية، وحظر نشر صور سلبية للأفراد أو الجماعات، ونشر ثقافة تساوي بين أبناء المجتمع الواحد، من خلال نشر منتج إعلامي مهني يعتمد أخلاقيات المهنة من “شفافية وموضوعية وحيادية ومصداقية”، والذي يمكن الوصول له من خلال تدريب وتطوير مهارات العاملين في مجال الصحافة والإعلام عبر برامج تدريبية تعزز مهنيتهم وتصقل خبراتهم وتعمل على رفع الوعي بالدور الذي عليهم القيام به من أجل التصدي لكل خطاب تشوبه الكراهية والعنف تجاه الآخر.

انتشار الكره والتميز عبر خطاب استعلائي

إقصائي يستدعي الوقوف في وجهه

نورا جولاق