مطبخ منزلي… زوجان يقدمان الأكل السوري في مصر

كتابة :
محسن ابراهيم

”أنا بعمل الطبخ الغربي وزوجتي تحضر الوجبات الشرقية“… بهذه الكلمات يروي الزوجان السوريان محمد وتهاني أ. كيف بدآ مشروعهما بتقديم وجبات الأكل المنزلي في مصر.

 

بداية الطريق

 

انتقل محمد من سوريا لمصر عام ٢٠١٢، مع زوجته ووالدتها وأربعة أولاد. كان يتوقع أن يعود بعد أشهر قليلة إلى مدينته داريا بريف دمشق الغربي، لكن الحرب اشتدت وأيقن أن العودة ليست قريبة، فبدأ مشروعه الأول بافتتاح مطعم وسط العاصمة القاهرة.

يقول: ”كان عملي في سوريا بمجال الكهرباء والإنارة، ولم أستطع الاستمرار به في مصر. افتتحت مطعماً صغيراً، قدمت من خلاله الوجبات السريعة، ولاقى إقبالاً وانتشاراً جيداً خاصة مع وقوعه في منطقة حيوية وسط الكليات وأماكن سكن عدد كبير من الطلاب السوريين والعرب“.

ذات يوم سأل أحد الطلبة عن وجبات طبخ منزلية، الأمر الذي لم يكن متاحاً بسبب ضيق المكان ونقص المعدات. طلب محمد من زوجته تحضير وجبتين في المنزل قدمهما في اليوم التالي للشاب. “كنت أعرف معاناة الطلاب وخصوصاً المغتربين وكيف يشتاقون للأكل البيتي“، يقول الرجل.

ومع اضطراره لتسليم المحل لصاحبه الذي بات راغباً باستثماره بشكل شخصي والاستفادة من السمعة الطيبة التي حققها والاستغناء عن إدارة الرجل له، قرر محمد وتهاني الاستمرار بتقديم وجبات الطبخ من منزلهما. ويروي كيف أنشأ عدد من الطلاب مجموعة عبر تطبيق واتساب للطلبات اليومية باسم “أبو عبدالله للأكل السوري”.


شراكة عمل

 

محمد وتهاني متزوجان منذ سنوات طويلة، لكنها المرة الأولى التي يتشاركان فيها بالعمل، فينظم هو الطلبات ويجلب المواد الأولية من السوق ويشتركان في التحضير.

تقول السيدة إنها لم تفكر بالعمل يوماً في سوريا، لكن الواقع تغير وفرض عليها طريقة تفكير جديدة، فوجدت في العمل متعة وتجربة جديدة أعطتها مساحة لم تختبرها من قبل.

ويؤكد الزوجان أن هذا المشروع أصبح جزءاً مهماً من حياتهما، خصوصاً أن العلاقة مع الطلبة تحولت لودية وعائلية. يدخلان كل صباح لمجموعة الواتساب، ويتشاوران مع الطلبة عن تفضيلاتهم من مأكولات سورية تقليدية كفتّة المكدوس والحراق بأصبعه، أو مأكولات عربية كالمنسف الأردني والدجاج المندي. والعلاقة لم تنته هنا بل أصبح الطلبة يعتبرون أبو عبد الله كأخٍ وأب، وترى بعض الطالبات بأم عبد الله صديقة مقربة.

صعوبات ومتعة

لا يخلو عمل الزوجين من صعوبات، ومنها الضغط اليومي وخصوصاً بفترات الامتحانات الجامعية والاعتماد الكبير للطلبة على وجبات المطعم التي قد يتجاوز عددها المئة يومياً.

إضافة لذلك، اضطر محمد وتهاني أحياناً للتعامل مع بعض المواقف الصعبة، ومنها البحث عن محل بديل بعد تسليم المحل القديم، أو إقناع أصحاب المنزل الذي يستأجرانه بتحويله لمطبخ دون الوقوع بمشاكل جراء ذلك.

واليوم، يعتمد الزوجان بشكل كلي على هذا العمل في حياتهما بمصر، ويؤكدان سعادتهما به، ويقولان: ”خرجنا من سوريا ولم نتوقع أن نعيش كل هذه السنوات هنا. لا نسمي أنفسنا لاجئين، ولا ننتظر المساعدات المقدمة من المفوضية، نحن هنا نعمل ونعيل عائلتنا. الشعب المصري ودود جداً واستطعنا أن نخلق مجتمعاً صغيراً لنا من المصريين والسوريين والعرب. وبكل الأحوال، نتمنى أن نعود إلى بلدنا سوريا قريبا.

لا نسمي أنفسنا لاجئين نحن هنا

نعمل ونعيل عائلتنا

محمد وتهاني