عمل ذووا /ات الإعاقة .. قانون يحمي وواقع لا يتغير

كتابة :
عمر عبدالله

عمل ذووا /ات الإعاقة .. قانون يحمي وواقع لا يتغير

 

تمثل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أساساً لمنحهم حقوقهم الإنسانية الأساسية، والتي لا تنتقص أوتتناقض مع وجودهم كأفراد في المجتمع، فمن حقهم/ن العمل وبظروف لائقة ملائمة. ومن الأولويات التي نصت عليها الاتفاقية الحماية من التهميش والإقصاء والحصول على فرص عمل لائقة ومناسبة لمعارفهم/ن وخبراتهم/ن دون أي تمييز بينهم/ن وبين الأشخاص من غير ذوي الإعاقة.

 

ذووا/ات الإعاقة بين الواقع والقانون

 

لم تساعد القوانين التي منحت ذوي/ات الإعاقة حق العمل على توفير فرص عمل لائقة لهم/ن في كافة المجالات، إنما أقتصرت على أعمال مكتبية محدودة غالباً ضمن ظروف نفسية أومكانية غير مناسبة، فالبنية التحتية  للمرافق وأبنية المؤسسات في معظمها غير ملائمة أومؤهلة  لاحتياجاتهم/ن خاصة في الحركة والتنقل، إضافة لوسائل النقل القليلة أوالغير مناسبة والمتفعة التكاليف في حال كانت خاصة، هذه العوامل المعيقة تشكل تحدياً وحاجزاً يحول دون إقبالهم/ن على العمل.

أما عن العوائق النفسية فتتمثل بالصورة النمطية المنتشرة في المجتمع عن ذوي/ات الإعاقة والتي تشكل حالة من الشفقة والتعاطف تنم عن عدم المعرفة الكافية بقدراتهم/ن والكفاءات التي يمكن أن يمتلكوها، وهذا يؤدي إلى حالة من الإقصاء والتهميش وربما تترافق مع العزل في مراكز ودور رعاية خاصة ناهيك عن غياب الدمج الذي يكاد يكون كلياً في بعض المناطق لأسباب كثيرة منها الاقتصادية والاجتماعية والقانونية حيث أن ثقافة دمج ذوي/ات ما تزال ضبابية في مجتمعنا لا تؤخذ على محمل الجد كضرورة ملحة، كل هذا يحرم الأفراد من ذوي الإعاقة من تحقيق أحلامهم/ن والمشاركة الفعالة في سوق العمل فيخسر المجتمع طاقات قادرة على المساهمة في تنمية البلاد وتطورها.

 

الإقصاء وشبح البطالة

 

قلة الفرص المتاحة لذوي/ات الإعاقة في الحصول على عمل، يجعلهم/ن عرضة للبطالة ومواجهة خطر الفقر والعوز، خاصة مع ظروف المعيشة القاسية والغلاء المستشري في كل مكان ابتداء من لقمة العيش وحبة الدواء وأبسط الاحتياجات الحياتية الخاصة بهم/ن، مما يجعل هذه الشريحة من المجتمع تعيش “حياة مع وقف التنفيذ”.

أما إن حالف الحظ بعضهم/ن وعثر على فرصة عمل، فغالباً ستنحصر ضمن أعمال ومهام محددة، وعائد الأجور سيكون قليلاً لن يساعد على الاكتفاء وتأمين ظروف حياة كريمة، كما أن إبعاد هذه الفئة عن المشاركة الفعالة في سوق العمل والإنتاج يضعف عجلة الاقتصاد ويؤدي إلى تراجعه وبالتالي عرقلة الكثير من أهداف التنمية المستدامة.

 

العدالة وتكافؤ الفرص حق

 

إن المطالبة بالمساواة ليس فقط في الحصول على فرص عمل متكافئة، بل في فرص التدريب ونظام المكافآت، حيث تعتبر بعض الإدارات أن الأشخاص من ذوي/ات الإعاقة غير مؤهلين /ات كفاية للخضوع لتدريبات تتطلب جهوداً كبيرة حتى من الأصحاء بدنياً ونفسياً، وبالتالي يحرمهم/ن من فرص التطور والتمكين، أو يترك الباب مشرعاً أمام الاستغلال المادي بمنحهم/ن أجور أقل من نظرائهم/ن عن نفس العمل، وهذا مخالف للقانون الذي ينص  في الفقرة السابعة من التوصية رقم 168 لمنظمة العمل الدولية على أنه:

“ينبغي أن يتمتع العمال ذوي الاعاقة بالمساواة في الفرص والمعاملة من حيث إمكانية الوصول إلى عمل والاحتفاظ به، والترقي فيه، وأن يتفق هذا العمل، ما أمكن ذلك، مع اختيارهم/ن الشخصي، وأن تراعى فيه احتياجاتهم/ن الفردية لمثل هذا العمل”

 

التضامن من أجل الحل

 

إن عدم حصول ذوي/ات الإعاقة على العمل المناسب واللائق يعود لعوامل ذات طابع قانوني واجتماعي واقتصادي، لذلك يجب توحيد الجهود من قبل المجتمع ومنظماته المدنية لكسر حالة الاقصاء والتهميش التي يتعرض لها ذوي/ات الإعاقة، والسعي لتغييرالنظرة النمطية القائمة على الشفقة والإحسان، والعمل على تعزيز دمجهم/ن في المجتمع بشكل فعال.

“المطالبة بالمساواة ليس فقط في الحصول

على فرص عمل، بل في فرص التدريب”

عمر عبدالله