رغم الإعاقة .. نماذج كسرت العوائق.. فأبدعت وعلّمت

كتابة :
نورا جولاق

رغم الإعاقة ..

 

نماذج كسرت العوائق.. فأبدعت وعلّمت

بين الحاجة لمزيد من الدعم ,والرغبة في تحدي الصعاب ,والانخراط في أنشطةٍ ومهنٍ مفيدة يتحرك ذوي/ات الإعاقة بخطى ثابتة لإنشاء مشاريع خاصة تهدف لمساعدة ذوي/ات الإعاقة وتسهل حياتهم/ن.

 

وائل ونقطة التحول

 

قبل ذلك اليوم ومنذ أكثر من 20 عاما ً؛ لم يكن وائل ليفكر بعمله ومستقبله كما الآن، فبعد حادث سيرمريع سبب له غيبوبة استمرت ثلاثة أيام ,استيقظ وائل ليجد نفسه على سرير المشفى غير قادر على تحريك قدميه لإصابته بشلل في الأطراف السفلية.

 مرت على وائل أيام صعبة وقاسية فرضتها ظروف صحية وضغوط نفسية سببتها مضايقات مستمرة من المحيط , ونظرات الزملاء التي أجبرته على ترك المدرسة ولكنها لم تثنه عن متابعة تحصيله العلمي .

 

مشروع ناجح بخطوات سريعة

 

 تابع وائل متابعة تحصيله العلمي بدعم من والديه والأطباء المشرفين على رحلة علاجه بإرادة وهمة عالية، حيث تخرج من كلية الهندسة المدنية بمعدل جيد جداً، وكانت تلك مجرد خطوة أولى لوائل أخذ بعدها على عاتقه أن يكون “همزة وصل” لذوي الإعاقة وسفيراً يحمل قضاياهم/هن وينقل همومهم/ن.

بعد سنوات الدراسة والتخرج، استطاع أن يحصل على عمل بوظيفة حكومية، لكن طموحه كان أكبر من عمل مكتبي وراتب نهاية الشهر.

 استمر وائل في سعيه، وحول أفكاره لمبادرات مجتمعية وخطط منظمة كرّسها لمساعدة الأطفال من ذوي الإعاقة وحصل على دعم وتمويل من منظمات محلية فافتتح ورشة لتصنيع احتياجات الأطفال من ذوي /ات الإعاقة ؛كالمعدات والأدوات المساعدة والأحذية الخاصة بهم /هن.

 

راما :”فشلت بأن أكون معاقة”

 

لا تختلف قصة راما عن قصة وائل كثيراً، راما الشابة التي كانت تعتقد في طفولتها بأن البشر يولدون غير مبصرين  ,ولكن بعد سنوات اكتشفت بأنها هي من يحمل هذا الاختلاف ، لم تستسلم لوضعها ولن أقول “إعاقتها” لرفضها هذه التسمية.

سردت لي راما قصتها في إحدى جلساتنا قالت: ” إن التعرف على ناس جدد والاختلاط بهم/ن لم يكن من طبعي، فأنا عمياء قانونياً” ، وصفت نفسها بذلك لأنها تعاني من إعاقة بصرية وراثية. لكن راما تصر على لقب “ضعيفة النظر ” لأنه يعطيها قليلاً من الأمل والتفاؤل على عكس لقب “معاقة” الذي ترفضه رفضاً قاطعاَ، وترى به استخفافاً بقدراتها وإمكانياتها وتضيف: “بعد كل ما حققته من إنجازات أرى بأن الشيء الوحيد الذي فشلت به هو أن أكون معاقة”.

راما حاصلة على درجة الماجستير بعلم الاجتماع وتعمل مرشدة اجتماعية في إحدى مدارس مدينة اللاذقية، تصف تجربتها في العمل بأنها جيدة جداً ومُلهمة لها ولمن حولها، لأنها أصبحت قدوة لكثيرات من زميلاتها وطلابها ,وقد أخذت على عاتقها تصحيح النظرة الخاطئة تجاه ذوي /ات الإعاقة، وعملت على بث روح الأمل في ظل واقع مليء بالعوائق اللوجستية والاجتماعية ,والنفسية, والاقتصادية التي تقوض حركتهم/ن وتحد من نشاطهم/ن، في حين أن المشكلة الأكبر التي واجهتها خلال عملها تكمن بالتقصير الكبير في تهيئة البنية التحتية والتعليمية والعملية، وصعوبة إنجاز المعاملات الخاصة بها في الدوائر الحكومية.

 قصة وائل وراما بعض من قصص عالم خاص أصحابه أناس تحدوا إعاقتهم، وكسروا حاجز العجز فحققوا إنجازات وبطولات اقل ما يمكن ان توصف بأنها ملهمة أثبتت بأن الإعاقة أمر لا يتعدى كونه حالة جسدية أو ربما نفسية خاصة بحاجة لظروف ملائمة ولائقة لتبوح بالإبداع والتميز.

“بعد كل ما حققته من إنجازات أرى بأن الشيء

الوحيد الذي فشلت به هو أن أكون معاقة”

 

راما