خطاب الكراهية وحرية الإعلام

كتابة :
محمد سليمان

“كونغ فلو” هذا ليس اسم لشخص صيني مقيم في دمشق، وليس اسم مدينة أو قرية باليابان، ولا هي كلمة ترحيب باللغة الشرق آسيوية، بل هو مصطلح أطلقه الرئيس الأميركي السابق دولاند ترامب اشتقه من لعبة “كونغ فو” الصينية الشهيرة، ليوجه العالم ضد الشعب الصيني بشكل كامل ويُحمله وزر انتشار فايروس كورونا، متمسكاً بحق دستوري أميركي يعطيه حق التعبير عن الرأي.

لم تنتظر الصين إلا ساعات قليلة لتخرج وترد على ترامب، وتعلن رفضها عن هذه التسمية وتتهمه بتوجيه خطاب كراهية ضد الشعب الصيني، الذي تعرض مواطنوه لأكثر من عملية تنمر واستفزاز بأكثر من بلد حول العالم، فما هو الفرق بين خطاب الكراهية وحرية التعبير.

التعريف الواضح لحرية التعبير “حرية الشخص تنتهي عند ابتداء حرية الآخرين”، وأما خطاب الكراهية ليس له تعريف واضح رغم مرور حوالي 32 عام على استخدام هذا المصطلح للمرة الأولى في الإعلام الأميركي.


ما هو الفرق بين خطاب الكراهية وحرية الإعلام

 

أداما دينغ وهو مستشار الأمم المتّحدة الخاص بمكافحة الإبادة الجماعيّة يقول أنّ “معالجة مسألة خطاب الكراهيّة لا تعني الحدّ من حريّة الرأي والتعبير أو منعها، إنما تعني منع هذا الخطاب من التحوّل إلى ما هو أطر بعد، لا سيما التحريض على التمييز والعدائية والعنف الذي يحظّره القانون الدولي.”

مدير تلفزيون الخبر عبد الله عبد الوهاب يعتبر أن الحديث عن أسباب تفشي وانتشار خطاب الكراهية طويل ومتشعب، ويوضح أنّ “الخطر الحقيقي لخطاب الكراهية يتجلى عندما يتم تبني هذا الخطاب واعتماده كجزء من سياسة المؤسسات، وعدم اقتصاره على مؤسسات إعلامية أو جهات صحفية”. يقول عبد الوهاب: “الخطر الأكبر اليوم كما نتعامل معه هو الانخراط، بكونك صحافياً أو مؤسسة، بتبني خطاب الكراهية ليس فقط في إطار أساليب الانحياز كجزء من سياسة تحريرية توضع لتحقق السياسة الإعلامية للمؤسسة غاياتها، بل كجزء من السياسات كبنية وعقلية”.

ويضيف عبد الوهاب في ظل غياب القوانين والتشريعات التي تكافح وتحد من تبني خطاب الكراهية، أو انعدام الوعي بتطبيق القوانين والتشريعات الموجودة، يبقى وعي الصحافي ووضوح نهج المؤسسة وسياستها للحد والتوعية أو على الأقل لتجنب الوقوع في شرك تبنيه أو نقله وبالتالي ترويجه وانتشاره ووضعه في التداول لتكريسه كمسبب ومعزز للشرخ والانقسام الاجتماعي.


كيف يتم التعامل مع التصريح الذي يحمل خطاب كراهية؟

 

في بلد كسوريا، يعتبر عبد الوهاب أنه يمكن ملاحظة خطاب الكراهية كمنهجية متبناة وبعمق، خاصة عند اضطرارك للتعامل معه عند نقل المعلومة من مصدرها، “في تلفزيون الخبر وانطلاقاً من إدراك خطر خطاب الكراهية وبخاصة مع حساسية المعطى في المشهد السوري، نحرص على تقديم “صحافة نظيفة” نلتزم فيها المهنية والموضوعية، وبالتالي فخطاب الكراهية لا يعبر في يومياتنا، لكن ما نقف في حيرة منه بين الفينة والأخرى هو اضطرارك لنقله مرغماً في بعض الأحيان، وهو غالباً ما يفرضه تبني “المصدر” أو جهة ما لهذا الخطاب، هنا نتعاطى معه غالبا بأحد أسلوبين، الأول تعريته وتقديمه للجمهور بكل ما فيه ويعنيه ويشكله من خطأ وخطر، والثاني هو تجاهله وإغفاله لكسر حلقة تداوله” يقول عبد الوهاب،  مبيناً أهمية إدراك الصحفي أنه وصي على المعلومة  وليس على عقل المتلقي، مروراً بإدراكنا وتذكيرنا لأنفسنا يومياً بأن إيماننا بالكلمة يعني إدراكنا لأثرها ، فإن كانت الكلمة سلاح، فهي تهدم وتبني، وخطاب الكراهية والتمييز هو عائق أول إذاً في طريق الوصول إلى حرية التعبير كجزء من الحريات ككل، والتي ينبغي لكل صحفي أن يعمل للوصول إليها.


خطاب الكراهية ومواقع التواصل الاجتماعي

 

تحدثنا الصحفية سهى كامل عن ضرورة وجود ورشات لتحديد الفرق بين خطاب الكراهية وحرية التعبير، لتنبيه الصحفي على أهمية انتقاء المصطلحات التي يتم استخدامها وخاصة في ظل وجود العالم الافتراضي الذي ليس له أي محاسب أو رقيب.

وتضيف كامل من الممكن أن يقع أي شخص بقصد أو بدون قصد بتوجيه خطاب كراهية، ولذلك نحن بحاجة وقت طويل لتحديد ما هو خطاب الكراهية ورفع وعي المجتمع بمفهومه، مؤكدة أن هذه الخطابات ليس وليدة اليوم ولكن الانترنت أعطاها الفرصة لتطفو على السطح، وتعتبر كامل أن خطاب الكراهية الذي نراه اليوم هو نتيجة لتمسكنا بأفكار قديمة ناتجة عن قلة قراءة أو قراءة خاطئة للواقع الذي نعيشه اليوم.

ولوضع اللبنة الأساسية للفرق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية، نحتاج أولاً لعدم التعميم بالوصف، يمكن القول “أن لاعب كرة قدم يرتدي اللباس الأحمر (على سبيل المثال) لا يجيد اللعب بشكل جيد، ولكن لا يمكننا القول كل شخص يرتدي اللباس الأحمر هو لاعب غير جيد”، فقول الحقيقة التي هي حق مشروع تحميه حرية الصحافة، ولكن استخدام الحق هو مسؤولية لا يمكن أن نعمم من خلاله فنكون قد تعدينا على حقوق الآخرين.


تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع صوت وصورة وصدى الذي تنفذه مَوج 2021

 

نحن بحاجة وقت طويل لتحديد ما هو خطاب

الكراهية ورفع وعي المجتمع بمفهومه

سهى كامل