الوعي ينمو والقوانين تمييزية

كتابة :
لينا ديوب

دعاني صباح اليوم شاب وفتاة إلى نشاط يقيمانه في منطقة سكني المزة 86، وصلت برفقتهما إلى بيت صغير غرفه مفتوحة على بعضها، جدرانها مزينة برسومات ملونة، كان قد سبقني إليه غيري من السيدات، اقتربت منا إحدى الشابات لتخبرنا أن هذا المكان مساحة خاصة لنا بهذا اليوم، نرتاح فيه من أعباءنا اليومية، بعدها اهتموا بمظهرنا، قصوا شعرنا وسرحوه، ثم جاءت فرقة موسيقية عزفت لنا ألحاناً جميلة، تعادل جمال هذا اليوم.

إنه يوم 25 تشرين الثاني، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات بسبب النوع. بدأت في هذه اللحظات الكثير من المواقع، والمنصات، وصفحات الناشطين والناشطات، بنشر مواد صحفية، ومحتوى عن العنف القائم على النوع الاجتماعي.

 

أهمية الاحياء

 

لن يتوقف النشر مساء هذا اليوم، بل يرافقه أنشطة وفعاليات لمدة ستة عشرة يوماً في جميع أنحاء العالم، هي مدة الحملة التي بدأها مركز القيادة العالمية للمرأة منذ عام 1991، ولم تزل مستمرة حتى اليوم، يتكرر التذكير فيها أن النساء والفتيات ليس في مجتمعنا فقط، إنما في مختلف المجتمعات ما زلن يعانين من الإقصاء والعنف، وأن هذا العنف مرفوض والعمل على وقفه مستمر.

إن السيطرة الذكورية المغروسة في اللاوعي الجمعي عند البشر، تظهر الأدوار النمطية التي يقوم بها كل من النساء والرجال طبيعية حتى لو تسببت بإيذاء وعنف لكل منهما أنها من طبيعة الحياة، لدرجة نجد أن الكثير من النساء يعتقدن أن ما يتعرضن له هو أمر طبيعي، وأن ما يقمن به من طبخ وتنظيف وإعالة، هو فقط دورهن بالحياة، كما في حالة السيدات التي احتفت بهن إحدى الجمعيات، وكأنهن خلقن لأجله، دون مراعاة احتياجاتهن مهما كانت بسيطة وهي الاهتمام بأنفسهن.

يحوّل العمل الدؤوب خلال الحملة كل عام، ذلك اللاوعي إلى وعي لتغيير الواقع الغير عادل للنساء، عبر نشر المعرفة حوله، في الاعلام، وفي الأنشطة المختلفة، والكشف عن الانتهاكات في البيت والشارع وأماكن العمل، يمكننا ملاحظة التقدم وإن كان بطيء في حياة النساء السوريات، حيث لا يمكن إنكار نمو وعي وزخم بفضل عمل الناشطين والناشطات المدافعين/ات عن حقوق المرأة والناجيات، وتنوعت تلك الجهود حول الوقاية من العنف ضد المرأة والفتاة وإنهاءه وعلى وقفه، وأثمرت عدة تعديلات على قانون العقوبات فيما يخص جرائم الشرف، بالإضافة إلى التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، كما ازدادت الجمعيات ومجموعات الشباب والفتيات التي تركز نشاطها للدفاع عن الحقوق الإنسانية للمرأة، وتأمين حماية للناجيات، عبر التدريب على العمل وإيجاد فرص عمل.

 

كل سنة انتهاك

 

نعلم بغالبيتنا أن العنف ضد النساء والفتيات يحدث غالبًا في بيوتهن ومن أقرب الناس لهن، لذلك يبقى مخفيا وقابل للإفلات من العقاب أو الصمت والوصم بالعار، لولا الصدفة مثلاً لماتت آيات الرفاعي دون أن يعرف بمقتلها أحد لأن زوجها وأهله كانوا يتعاقبون على ضربها دون معرفة أحد.

تأتي الحملة كل عام، لتحيي وتذكر بضرورة العمل للقضاء على هذا الانتهاك الأكثر انتشاراً، وتتنوع الأنشطة التي يمكن أن تقام سواء في الشارع أو الاجتماعات والندوات والورش الفيزيائية والإلكترونية ولكل منها أثره وتميزه وجميعها تبني وتؤثر.

 

لا يكفي

 

على أهمية الحملة، ونمو دورها في التوعية، إلا أنها تبقى غير كافية إذا لم تترافق بسياسات حكومية، مدعمة بميزانيات وإجراءات وبرامج قابلة للتنفيذ، حتى اليوم لا يوجد سوى مركز إيواء حكومي واحد في دمشق للناجيات من العنف الأسري أقامته الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان،

حتى اليوم أيضا” لم يجرّم العنف بمادة صريحة وواضحة لا بالدستور ولا بالقوانين.

 

بقاء المادة 192

 

لابد من إلغاء جميع المواد التمييزية من قانون العقوبات ومنها التمييز بين المرأة والرجل في جرائم الزنى والاغتصاب واغتصاب الزوجة، وإضافة مواد تتعلق بحماية المرأة من العنف الأسري والتحرش الجنسي بمسمّياته الحقيقية وإلغاء المادة المتعلقة بالدافع الشريف وثورة الغضب أو تحديده بدقة وهي المادة ١٩٢ التي يستند القاضي عليها أيضاً في حماية قاتل النساء، والسماح لجمعيات المجتمع المدني بالعمل على برامج حماية تنتشر في المدن والأرياف ووحدات حماية للأسرة وليس وحدة واحدة في دمشق.

“لابد من إلغاء جميع المواد التمييزية من قانون

العقوبات ومنها التمييز بين المرأة والرجل”

لينا ديوب